مجلة طلعنا عالحرية

المرأة السورية ستنهض من تحت الرماد كالعنقاء

افتتاحية بقلم يارا بدر

عانت المرأة السورية -كما المجتمع والدولة في سوريا- طوال عقود من حكم السلطة القمعيّة الديكتاتوريّة التي وجدت في دعم المنظومة البطركيّة الذكوريّة حامياً لسلطتها الديكتاتورية، وشهدنا جميعاً كيف حوّر التاريخ السوري وزيّف، وشوّهت صورة المجتمع والمرأة في مسلسل سيء مثل “باب الحارة” الذي لقي دعماً وترويجاً تجاوز حدود الوطن السوري ليقول كذبه للعالم العربي وللمواطن السوري أساساً، بأنّ تلك هي صورة المرأة السورية وذاك ماضيها.. الصورة التي حاول القائمون والداعمون لهذا المسلسل الدرامي ومشجّعيه من أشباه الصحفيين والمثقفين ترويجها.

إقبال قارصلي التي ولدت عام (1925) وتوفيت عام (1969) كانت رائدة في الفن التشكيلي على المستوى العربي والعالمي. كما شهد عام (1920) أول دخول للمرأة السورية في السلك العسكري، عندما منح “الملك فيصل” السيدة “نازك العابد” رتبة نقيب في الجيش السوري، وفي سوريا يحق للمرأة المشاركة في الانتخابات والإدلاء بصوتها منذ العام 1949. أمّا “ماري عجمي” التي ولدت عام (1888) وتوفيت عام (1965) فقد أنشأت أول مجلة نسائية باسم “العروس” عام (1910)، وأسسّت “النادي الأدبي النسائي” في دمشق، وجمعية “نور الفيحاء” وناديها، ومدرسة لبنات الشهداء (1920)، وكانت عضو “الرابطة الأدبية” التي تأسّست في دمشق أوائل العشرينيات.

المرأة السورية لم ترض بالصورة النمطيّة لدور الأم والممرضة في الحرب، فهي -كما في زمن السلم- هي في زمن الحرب شريكة كاملة في صناعة التغيّير.

بعض النساء قاتلن ويقاتلن إلى جانب الرجال في ساحات المعركة، والكثير منهنّ معتقلات اليوم في سجون النظام. بعض النساء اخترن العمل السياسي، وبعض النساء كُنّ طليعيات مثل “رزان زيتونة” المحامية التي عملت على توثيق انتهاكات النظام لحقوق الإنسان والدفاع عن معتقلي الرأي في سوريا سنوات قبل اندلاع الثورة السورية. وللمعتقلات السياسيات تاريخ طويل في سجون النظام، وخلال السنوات الخمس الماضية لم تنج النساء من أن يكنّ معتقلات ومخطوفات حتى في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

لكن إلى اليوم لا تزال معظم الميادين الإعلاميّة والرسميّة يتصدرها رجال، يقدّمون رؤيتهم للأمور السياسية والدينية والمُجتمعيّة، ولهذا السبب تفتح “طلعنا عالحرية” صفحاتها في قسمها الجديد الخاص بقضايا المرأة، ليكون فضاءً للنساء يقلنّ فيه كلمتهنّ. كاتبات، ربّات بيوت، نازحات، أمهات، فنانات، طبيبات، سياسيات، وكيفما شئن أن يكنّ.

في الكتابة لا يوجد خطأ أو صواب، فقط تمنع الإساءة إلى الآخر ومعتقداته، حتى تلك التي لا نوافق عليها. دون أن يعني هذا أنّه لا يحق للرجال المشاركة في الكتابة، لكن هذه الكتابة ستكون حول قضايا تهم المرأة وتعنى بمشاغلها وبالحواجز التي وضعت أمامها لتمنعها عن التقدّم.

أنا شخصيّاً أؤمن بأنّ المرأة -فطريّاً- أكثر حكمة وسياسة من الرجل، وقدرتها على الصبر وتحمّل الألم بحكم طبيعتها البيولوجية أعلى من الرجل. المرأة تتأخر كثيراً لتعلن الحرب، وإن فعلت فهي تسير حتى النهاية. كما أؤمن أنّ سوريا كما ألمانيا بلد أنهكتها الحرب، وأنهكت رجالها وشبابها، بلد ستُبنى بأفكار وقوة النساء،

إنّ العمل مع النساء اليوم هو العمل من أجل صورة سوريا التي ستكون في المستقبل. ولن تكون بلاداً مُغطاة بالأسود، بل بيضاء جميلة، ستنهض من تحت الرماد كالعنقاء.

Exit mobile version