مانيا الخطيب
يعتقد عدد لا يستهان به من السوريين، وربما من غير السوريين، أنه لم يعد في أيادينا في لعبة الدول الكبرى أي شيء نفعله من أجل بلدنا ومن أجل أهلنا في سورية.
وأن الدول الكبرى والدول الإقليمية التي تتقاطع مصالحها بشكل لم يمر مع أي بلد من قبل ربما، هي من سيحسم أمرنا ومصيرنا، وأنه إن عاجلاً أن آجلاً سنضطر أن نقدم طلب تأشيرة دخول فيما لو أردنا أن نسافر من السويداء إلى حلب، أو إلى القامشلي.
اللغز السوري المحير، هو أنه حتى الآن لم تنضج ولم تتبلور – على أرض الواقع وليس في المؤتمرات – أجندة سورية مشتركة هي التي لها القول الفصل مهما لعبت الدول بنا بسبب سذاجتنا وأنانيتنا واتكاليتنا واعتمادنا على القدر في حل أمورنا..
لم يصل السوريين في هذه الملحمة الدموية التي يعيشونها للعبور إلى مستقبل جديد لن يتبق فيه من ملامح سورية التي عرفناها أي أثر يذكر، لأن النواة / الوهم الذي قامت عليه هو أبدية صانع القرار السوري المحلي وهذا ما لن يرض به بعد اليوم أي جيل سوري قادم مهما بدا من فجيعة الحاضر وقبحه غير المحدود وتدخل الدول السافر بشؤوننا، وآخره التدخل العسكري الروسي الذي حير الخبراء قبل أن يحير الإنسان السوري العادي.
كبيرة هي ضريبتنا، وعميق عارنا وذلنا، وجذرية هي خلافاتنا، ومريرة خيباتنا بأقرب السوريين إلى بعضهم.. ونحمل عاراً كثيفاً لا يمكن غسله إلا بهذه الطريقة المفجعة.
لم يتخل السوريون –حتى الآن- عن النرجسية والأنانية حتى في أحلك الظروف..
فلماذا إذاً مر سنوات خمس من الألم غير المسبوق في حياة أي شعب .. لم ينكب سوريو الثورة على بناء وترميم ما يجعل كلمتهم هي القول الفصل في شأنهم؟
قبل أن نلوم أحداً، علينا أن نقف طويلاً عند أخطائنا وعدم قدرتنا على العمل مع بعضنا وعدم قدرتنا على رسم وبلورة رؤيا واضحة تولد جسماً سورية إن لم يكن معافى بما فيه الكفاية فالحد الأدنى أن يكون متيناُ بما يكفي ليكون أرضية عمل سوري مشتركة
قبل هذا وبعده لاجدوى على الاطلاق من القاء اللوم على أحد لا في الشرق ولا في الغرب .. قبل أن نكون على قدر من المسؤولية السورية التاريخية التي يستصرخها آلافاً مؤلفة من أولياء الدم السوري المقدس المسفوك في ملحمة الحرية.
مانيا الخطيب – هلسنكي 15.10.2015
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج