اللاجئون السوريون يخفّضون معدل الجريمة في تركيا
دراسة صادمة لأصوات الكراهية!
لا يبدو أن التوتر تجاه السوريين في تركيا في طريقه للانحسار؛ فالتوسع والازدياد مستمر، والكراهية كذلك، مع تدفق التحريض من أطراف تركية معارضة، وكذلك غياب المعلومات الكافية والدقيقة حول الوجود السوري في هذا البلد.
بعد أحداث العاصمة أنقرة، التي اندلعت على خلفية قتل شاب سوري لمواطن تركي، وما خلفته من توترات الصيف الماضي، شهدت مدينة أزمير في آخر أيام أيلول المنصرم، أحداثاً مشابهة، أيضاً بسبب مقتل شاب تركي على يد شاب سوري.
وبعيداً عن استغلال أطياف من المعارض التركية لهذا الحدث، وما دار حوله من سرديات وروايات، وتهديد ووعيد للوجود السوري، قد يقع المحرضون وأشباههم في كثير من المغالطات، بخصوص علاقة السوريين بالجريمة في تركيا؛ فإما كانوا قليلي الاطلاع على زوايا بعيدة عن منظورهم، أو متغافلين عن الحقائق عن قصد!
معهد “اقتصاديات العمل IZA – Institute of Labor Economics” وهو معهد دراسات غير ربحي وشبكة مختصة بدراسات الاقتصاد حول العالم، أصدر دراسة أو ما أسماها وفق أدبياته “ورقة مناقشة أو ورقة بحثية” بعنوان “The Effect of 3.6 Million Refugees on Crim تأثير وجود 3.6 مليون لاجئ على الجريمة”.
هذه الدراسة اعتمدت على بيانات حول معدلات الجريمة على مستوى المقاطعات في تركيا، خلال الفترة بين 2008 و2019. والفكرة الأهم التي وصلت إليها أنه لا يوجد علاقة إيجابية بين الهجرة ومعدلات الجريمة، ما يعني انعدام أو شبه انعدام وجود علاقة بين السوريين هنا وارتفاع معدلات الجريمة؛ إذ تعزو الدراسة ذلك لالتزام السوريين بالقوانين، موضحة أن اللاجئين السوريين هم الفئات الأكثر فقراً هنا في تركيا، وأن 79% من الأسر السورية تقع في المرتبة الأدنى بمؤشر الثروة في هذا البلد.
وأشارت الدراسة إلى عدة برامج مساعدات استهدفت اللاجئين السوريين في تركيا، أبرزها “برنامج شبكة الأمان الاجتماعي في أوقات الطوارئ ESSN التابع للاتحاد الأوروبي، الذي وصل إلى 1.8 مليون لاجئ، وكذلك الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر، حيث يتم توزيع مبالغ نقدية للأسر السورية، إذ يقدر مبلغ الدفع للأسرة المتوسطة المكونة من 6 أفراد بنحو 720 ليرة تركيا شهرياً، وهو المبلغ الذي أثار لغطاً كبيراً، وتدور حوله أساطير وروايات من الأطراف التركية الرافضة للوجود السوري، التي وصل بها الحال لتقول إن السوريين يعيشون ويأكلون ويشربون ويستأجرون المنازل والسيارات ويترفهون في السواحل والمناطق السياحية على حساب الحكومة التركية!
الدراسة التي أكدت أن من مصادر بياناتها هو معهد الإحصاء التركي “TURKSTAT” ، حصلت على بيانات مدانين في السجون حسب نوع الجريمة، متكئة على عشرة أنواع مختلفة من الجرائم: “الاعتداء، جرائم الأسلحة النارية والسكاكين، القتل، السرقة، التهريب، الجرائم الجنسية، الخطف، التشهير، تعاطي وشراء المخدرات، وإنتاج المخدرات”.
ووجدت الدراسة إحصائية تقول إن اللاجئين قللوا من معدل الجريمة الإجمالي، مبينة أن زيادة 10 نقاط بالنسبة المئوية للاجئين قياساً لعدد السكان في تركيا، تقلل مقياس معدل الجريمة في هذا البلد بنسبة 8.1%. ما يعني أن الوجود السوري لم يؤثر برفع مستوى جرائم السرقة والاعتداءات الجنسية وغيرها، بل على العكس، فيما كان له تأثير على نوع واحد من “الجرائم” وهو التهريب.
ولم تغفل الدراسة بعض الفرضيات الطبيعية، التي قد تصيب أي مجتمع مضيف لموجات لاجئين صادمة وكبيرة، مثل ازدياد معدل الأنشطة الإجرامية بسبب تدهور سوق العمل أو المنافسة من قبل اللاجئين في سوق العمل، بسبب انخفاض الأجور وتأثيرهم على العمال المحليين. إذ من الممكن، أن يكونوا سببوا بعض الأنشطة الإجرامية. في نفس الوقت، تؤكد الدراسة بحسب مصادرها، أن توظيف وأجور المواطنين الأتراك في القطاع الرسمي ازدادت مع وصول اللاجئين السوريين، ما حافظ على ظروف العمل العامة.
دراسة هامة ومليئة بالأرقام، التي تدحض ادعاءات الكثير من الأصوات الكارهة للوجود السوري في تركيا.
وللأسف، تتفق أطياف المعارضة السورية في تركيا، مع المعارضة التركية الكارهة للسوريين في تركيا أيضاً! على عدم الانتباه لهكذا دراسات، من شأنها تصحيح معتقدات وأساطير كثيرة تحيط باللجوء السوري في هذا البلد.
صحفي سوري مستقل، وخريج كلية الإعلام بجامعة دمشق. عمل في الصحافة منذ عام 2008 ونشر في العديد من المواقع والصحف العربية والعالمية.