أشعرُ بحاجةٍ للاعترافِ أنّي أحبُّ قشعريرتي، وأثقُ بها أكثرَ من أيِّ شيءٍ آخر. القشعريرةُ حالةٌ لا لبَسَ فيها، أنتَ أمامَ خَيارين: إمّا أن تقشعرَّ، أو لا. ليس ثمّةَ وسطٌ رماديٌ هنا، القشعريرةُ لا تُجامل، هنالكَ تماسيحٌ تذرِفُ الدّموعَ على فرائسِها، و قتَلةٌ يسيرونَ في جنائزِ قتلاهم مصطنِعينَ كلَّ الابتذالِ البشريِّ المُتاح، لكن لن يكونَ هنالكَ أبداً ممثِّلٌ يقشعرُّ أثناءَ أدائِهِ لدورٍ محايدٍ لا يمِسُّ مكمناً ما في داخِلِه. سيبقى لدينا ما يدفعُنا للتّفاؤلِ طالما ظلَّ على وجهِ الأرضِ إنسانٌ واحدٌ يستطيعُ أن يقشعرّ!!
حقيقةً، أعتقدُ أنَّ المعيارَ الذّهبيَّ في تقييمِ قصيدةٍ ما، أو فيلمٍ أو معزوفةٍ أو لوحةٍ أو حدثٍ معيَّن، هو قشعريرتُكَ إزاءَه، حيثُ أنّهُ فقط الجمالُ الحقيقيُّ، أو الحزنُ الحقيقيُّ؛ الّذي هوَ أيضًا جمالٌ من منظورٍ خجولٍ مُصابٍ بالرّهبة، وحدَهما يترُكان في بيولوجيَّتِكَ زخّاتٍ آنيّةً من النّشوةِ على شكلِ قشعريرة. مثلاً؛ أدرِكُ تمامًا أنَّ مشاعري نحوَ تلكَ الفتاةِ حبٌّ خامٌ لا لبَسَ فيه، ذلكَ لأنّي أقشعرُّ عندَ كلِّ محاولةٍ فاشلةٍ للاعترافِ لها.
تنتابُني مؤخّرًا نبوءةُ يقينٍ؛ أرى فيها مُهاجِرًا يحملُ صليبًا كثيفًا من كلِّ المشاعرِ الإنسانيّة، و يسيرُ على دربٍ طويلٍ من القشعريرة….
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج