مجلة طلعنا عالحرية

السيد لؤي حسين هل ستحرق أصابعك بإطفاء شمعتنا؟

السيد لؤي حسين، وأنت من تطالب الهيئة العليا للمفاوضات أن تعود إلى جنيف، لتقبل بأي حل سياسي، وبغض النظر عن موقفنا من هذه الهيئة وغيرها من الأطراف المعارضة، لكنك من قلت بعد قولك إن الحل ليس بيد المعارضة أو النظام.

حتماً لا رياض حجاب ولا سهيل الحسن أو محمد علوش أو علي مملوك أو أنت أو الشعب السوري بغالبيته المعارضة وبقيته المؤيدة أو العلمانيين الذين لا أحد يعرف أين موقعهم من هذه الثورة، أو الإسلاميين المتقاتلين مع الجميع عدا النظام، أو الأكراد بأقليتهم الانفصالية المتخبطة، أو بأكثريتهم المسحوقة، وحتماً جماعة “الله يطفيها بنوره”، ولا حتى داعش.. لا أحد على الإطلاق يستطيع إيقاف هذه الحرب، عدا بشار الأسد.

يُحترم خوف شخصيات وطنية على الدم السوري، وتُقدر انفعالاتكم لمجريات حرب غير عادلة بالمطلق، وعدم قدرتكم السكوت على فساد يأكل ما نسميه ثورتنا في كل جزء من جسدها، ومن المفهوم عدم استطاعتكم تحريض السوريين على الاستمرار بحرب تلتهمهم، ولكن ما يؤخذ عليكم أنكم فعلا تكرهون ما قمنا به، وتريدون من كل سوري أن يفكر مثلكم، إن كانت غوغائنا خيبت توقعاتكم، وهمش فساد ثورتنا خيرتكم، وأنكرنا فضلكم في معارضة النظام، وأفقر تمردنا أهل عزّ آخرين، وتطرف قلة منّا، فإن ذلك كله لا يوجب التخلي عنا، أو استمرارك في توبيخنا.

أنت مطالب حقاً بالاعتراف دون خجل بأنك مع فكرة الثورة، وأن توجه النقد للمسيئين من وجهة نظرك، دون أن تقول أن النزعة الثورية هي من هاجمت قرية الزارة لأنك تخلط بين التطرف وبيننا،  نريدك محافظاً على مصداقيتك وعلى حلمك باستبدال نظام عدالة بهذا النظام، فلا تتهمنا بالتطرف لأنك تصيب أهالي معرة النعمان الذين يتظاهرون كل نهار ضدّ جبهة النصرة باليأس والإحباط، كما نرجو منك أن لا تتجاهل جمهورك المعارض أمام جمهورك المؤيد حين يذكركم: هل خرج السوريون في ثورتهم مشمرين لحرب أم طالبين لعدل ودولة مدنية!، إلا إذا كنت تستحي مما تعتقده جهلنا أمامهم،  فبين صلاة البعض وسكر الآخر هناك من باع البلد.

السيد لؤي حسين، الأقرب للحقيقة أن تؤمن بأن ما من أحد خيب ظنك سوى هذا النظام حين ضيّعنا وأفسد نسيجنا الاجتماعي وغلّب ثقافة الطائفة والمناطقية على القوم، والجهل على العقل، كيف تطالبنا أن نتغير فجأة، ومن المعروف لمن هو مثلك أن المؤسسات الجيدة والدساتير والقوانين هي من تصنع وعي المجتمعات الجيدة.

السيد لؤي حسين، وأنت المجتهد الذي لا يملّ من محاولات مخاطبة العقل السوري، ألن تصطدم عاجلاً بنظام لا يحترم سلاحك “العقل”؟.. نظام قاتل مجرم سفاح دنيء وحقير، ليس له عهدة أو ذمة، ذبح مليون سوري لـ “يجاكر” السعودية، وقصف فهدم نصف سوريا ليقهر أردوغان، وباع واشترى في البلاد بتجارة موصوفة مع إيران وروسيا في سبيل أن يبقى “رئيساً”. أنت خرجت من سوريا حين لم تعد تستطيع التعامل سياسياً مع هذا النظام.

نعم، الثورة سباقة عليك رغم رجاحة عقلك، كما سبقت الداهية هيثم مناع الذي أظهره الأكراد بأغبى صورة، وسبقت طيبة قلب معاذ الخطيب ومعه محمد حبش وغيركم. السوريون على علم بدناءة أحمد الجربا، وجهالة وفساد أحمد طعمة، ويعرفون أن الدول حولت رياض حجاب لتابع، ولكنهم على علم أيضاً بأن بشار الأسد ينظر لكم دون أي تفريق لا كسياسيين بل كأقزام وجهال ومتآمرين يريدون تجريده من حقه في حكم هذا البلد، ومن بطولاته الدونكيشوتية ضدّ الرأسمالية، ومن المؤكد أنه مقتنع بما يفعله وسيفعله في البلاد، وأنه يفضل التحالف مع الفاسدين كأحمد الجربا على التحالف معكم.

لكم نقول، ربما تريدون خيراً بالشعب، وحتماً أنتم أفضل وأذكى ممن يحكم البلاد اليوم، لكنكم تطالبون بحلّ لا يتطرق لأمرين: الأول المعتقلين، والثاني بشار الأسد، وتعتقدون أن ما نطالب به ترف في حرب. لكن بشار الأسد يحتجز في سجونه وحسب آخر إحصائية دولية نصف مليون سوري، يجزم أهل هؤلاء أن نصفهم -على أقل تقدير- سيقتل أبشع مقتلة من قبل رؤساء الأفرع الأمنية المرضى العقليين الذين يتخطون داعش بشراهتهم لدمنا في حال بقاء الأسد كرئيس أو خسارته على مستوى عسكري أو سياسي، خصوصاً وأن “الرئيس والقائد الأعلى لكل شيء” لم يعاقب منذ 2011 وحتى اللحظة أي رئيس فرع أو ضابط أو مجند في جيشه، ولم يقم بأي خطوة ثقة تجاه ملايين المعارضين، بل لم يرحمهم من برميل متوفر في مستودعاته.

السوريون مع صيحات إيقاف الحرب، لكنهم لن يتخلوا عن ثورة نجحت بالفعل بتحرير لسان المؤيد والمعارض ومن يشتمهما اليوم. أما عن آلامكم وخوفكم ووطنيتكم ومسؤوليتكم فهي أمور سواء لديكم ولدى أصوات بدأت تخرج من الثورة لتشتم الثورة، ولدى من يسرف في تصويرها أنها نقية خالية من أي عيب، لكن الفرق أنكم في أبراج عالية، ندعوكم للنزول إلينا قليلاً، وأن من يشتمها أجبره على ذلك ألم عظيم تعرض له وندعوه للصبر ولا نخوّنه، لأن يوماً سيأتي يُنصَف به. وأما من يصر على ترقيع الأخطاء بحجة معارضة الأسد نقول له: أنت أسد آخر إذا لم تتخلَّ عن طريقتك، وإن كتمانها لا يرتقها.

يقول المثل الإسباني: “عين على القدر وعين على الهر”.

سيد لؤي، وأما عن الحرب فبشار هو من أعلنها في أول خطاب له بعد ثورة السوريين عليه.

 

Exit mobile version