Site icon مجلة طلعنا عالحرية

السوريّ ياسين الحاجّ صالح يبحث في “الثقافة كسياسة”

“الثقافة كسياسة” عنوان الكتاب الفكري الجديد للكاتب السوريّ ياسين الحاجّ صالح، والصادر حديثًا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وفيه يتناول المؤلف الدور المنوط بالمثقفين ومسؤولياتهم الاجتماعية في زمن الإستبداد والتسلط، ومن وصفهم بـ”الغيلان”. جاء على غلاف الكتاب الخارجي: “الثقافة قوة سياسية بما هي ثقافة، بما هي شكل من أشكال العمل العام له شخصيته الخاصة وكرامته الذاتية. من واجب المثقفين أن يتدخلوا في السياسة في كل وقت، في أوقاتنا الدموية اليوم خاصة، وأن يقولوا كلامًا واضحًا عن السلطة وعن السجن والتعذيب والعنف والتمييز والقتل والمنفى والكراهية والتحقير والتعصب والعنصرية”. مضيفًا: “لكن هناك شيئاً واحداً أسوأ من أن يعمل المثقفون كسياسيين عمليين. هو زعم المثقف بأن مجاله هو الفكر أو الفن، وأنه لن (يُلوّث) نفسه بالسياسة وشؤونها. في مثل شروطنا الراهنة، هذا المسلك استراتيجية تبرر الراهن دومًا، ولا تبرر غيره. حين يُقتل الناس بكل طريقة، حين يُذلّون ويهانون، حين يحاصرون ويُجوَّعون ويموتون جوعًا، وحين يكون ذلك سياسة عامة شعارها هو (الجوع أو الركوع)، حين تُغتَصب النساء والأطفال في مقرات أجهزة الأمن، حين يُقتل المئات منهم بالغازات السامة خلال ساعة، حين يدفنون تحت أنقاض بيوتهم المقصوفة بالبراميل المتفجرة؛ فإن من يتعالى حينها على السياسة فاقد للإحساس وللإنسانية ذاتها، ويغلب أن يكون هذا التعالي قناعًا للانحياز إلى الأوضاع القائمة، وهو يجرد نفسه من القدرة على إدانة قتلة آخرين إدانتهم واجبة: “داعش” وأخواته. هذا أصل بعض صمت الصامتين؛ تصمت ُلزمن طويل على قاتل تواليه، فلا يبقى لك وجه للكلام على قاتل صاعد تعاديه”.

 ويرى صاحب كتاب “بالخلاص يا شباب”، في مؤلفه الذي جاء في 288 صفحة من القطع الكبير، وهو الكاتب الليبرالي الديمقراطي، ذو التوجهات اليسارية غير الأيديولوجية، وهو من الناقدين للنظام السوري والمتناولين لشأن الإسلام السياسي، يرى أنه “لا يمكن للخوف أو لعواقب قول الحقيقة أن يكون مسوّغًا كافيًا للالتزام بمحرّمات يُفترض أن تحدّيها وانتهاكها هو تعريف المثقف بالذات حتى قبل أن يكون واجبه”. مؤكدًا أن الموضوع “أهم من أن يُسكت عنه من جهة، والمعنيون فئة يتمتع أفرادها بحصانة نسبية أكبر من غيرها من جهة ثانية”. من سيرة ومسيرة مثقف عضوي.. يُعد الكاتب ياسين الحاجّ صالح من أبرز المثقفين السوريين والعرب العضويين ومن أكثر الكتاب تواصلًا مع الشباب عبر مواقع التواصل الإجتماعي. ومع اندلاع الثورة السورية في آذار/ مارس 2011 اعتبر من منظّري الحراك الشعبي السوري الرئيسيين. والحاجّ صالح سجين سياسي سابق في معتقلات النظام السوري، حيث اعتقل سنة 1980 بتهمة الإنتماء إلى تنظيم شيوعي، وقضى في السجن 16 سنة. وهو من مواليد الرقة 1961، وقد غادر العاصمة دمشق إلى ريفها وتحديدًا إلى الغوطة الشرقية بعد عامين من انطلاقة الثورة، ليعيش حوالي ثلاثة أشهر في بلدة دوما الثائرة قبل أن ينتقل إلى مسقط رأسه (الرقة)، التي كان قد احتلها تنظيم “داعش” الإرهابي ما أجبره على متابعة التخفي إلى أن غادر في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2013 إلى اسطنبول حيث يقيم حاليًا.

وكان أن اختطفت زوجته الناشطة السياسية سميرة الخليل، والتي كانت قد قضت قبل الثورة أربعة سنين بمعتقلات الأسد الأب، في التاسع من كانون الأول/ ديسمبر 2013 مع رفيقتها الناشطة رزان زيتون وزوجها المحامي وائل حمادة، وصديقهم الناشط الحقوقي ناظم حمادي، وذلك من قبل معارضين متشددين في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، بسبب نشاطاتهم السلمية الداعمة للحراك الثوري ضد نظام بشار الأسد!.

ينشر الحاجّ صالح في العديد من الصحف والمجلات العربية، وله تأثير واسع في الساحة الثقافية السورية والعربية. وكان أن ساهم في بدايات العام 2012 مع مجموعة من الكتاب والباحثين السوريين في تأسيس “مجموعة الجمهورية لدراسات الثورة السورية”، التي تحولت إلى منبر ثقافي وفكري لتغطية الشأن السوري خلال سنوات الثورة. وقد صدر له من الدراسات والكتب، دراسة بعنوان: “سوريا من الظل: نظرات داخل الصندوق الأسود”، صدرت عام 2010 عن دار جدار للثقافة والنشر. وفي العام 2011 صدر كتاب “أساطير الآخرين: نقد الإسلام المعاصر ونقد نقده”، عن دار الساقي البيروتية، والذي يساجل فيه تيارات الإسلام السياسي ويطرح أسئلة استشكالية عن جملة القضايا الفكرية والسياسية والأخلاقية التي يطرحها وضع (الإسلام) في العالم المعاصر. وفي العام 2012 صدر له كتاب “السير على قدم واحدة” عن دار الآداب البيروتية، وفيه يتناول قضايا متفرقة في الشأن السوري، كنقد الخطاب الرسمي وممارسات نظام الأسد”. وفي نفس العام (2012) أصدر ياسين الحاجّ صالح، كتابه الأبرز “بالخلاص يا شباب”، عن دار الساقي (بيروت)، مستعرضًا 16 عامًا من عمره قضاها في معتقلات نظام الأسد الأب، طارحًا فيه تأملاته العميقة التي راودته في المعتقل وبعد المعتقل، وكيف استطاع “ترويض وحش السجن” وتحويله إلى تجربة انعتاق حقيقية.. انعتاق عبر الصراع مع السجن ومع النفس ومع الغير، وعبر التعلم من الرفاق ومن الكتب.

Exit mobile version