تقرير زهرة محمد
تعيش دمشق ظروفاً لم تمر عليها منذ السفربرلك، من غلاء المعيشة والفقر المدقع الذي يعصف بأهلها. ست سنوات كانت كفيلة بقلب المعادلة من تحول دمشق لمقصد لجميع من أراد (الرخص) إلى بلد تسوده طبقتان مع انعدام الطبقة الوسطى؛ ففي دمشق باتت الآن طبقة الأثرياء وهم من لم تمر عندهم الحرب إلا مرور الكرام، وفقير سلبته سنوات عجاف كل ما يملك، حتى لقمة عيشه. ومع ازدياد هجرة الشباب واستشهاد الكثيرين وفقدان الكثيرين أيضاً، باتت دمشق مدينة تعج بالنساء الوحيدات اللواتي ليس لهن معيل، وقد أتت الظروف عليهن حتى تقطعت السبل وأصبح العمل شحيحاً والمورد معدوماً، ولم تكن للكثيرات إلا امتهان الدعارة وبيع أجسادهن والعيش بمورد لو كان زهيدا مقابل امتهان كل واحدة منهن.
تقول سميرة: (لقد أجبرتني الظروف لأن أرضخ لبعض الرجال كوني وحيدة ولا معيل لي خاصة مع سفر طليقي وأخي الوحيد, وذلك بعد نزوحي لعدة مناطق في دمشق بين السبينة مخيم اليرموك وركن الدين, وصولا إلى الغرفة التي أسكن فيها حاليا، وهي لزوجات المفقودين والشهداء, والكثير من النساء يعشنّ هنا ويفعلن ما يريد القائم على الجمعية أن يأمرهن وهو ممارسة الجنس معهن، هناك فتيات صغيرات ونساء أرامل رضخن، ولا أخفي أن بعضهنّ كنّ راغبات بما يفعلن!!)
وتضيف: (كنت أعمل في معمل للألبسة وكان المسؤول أيضا يمارس الجنس مقابل المال مع بعض النساء والفتيات، اللواتي سيراهن ضعيفات ويختار من تعجبه، مقابل 2000 ليرة للمرّة الواحدة. قرّرت حينها أن أحاول تغيير عملي والسفر، سافرت إلى لبنان وتعرفت على سائق يعمل على الخط بين لبنان والشام, في الرحلة سألني إن كان يوجد لي أقرباء في لبنان، عندما عرف أنه ليس لي أحد ولا أعرف أحداً، قال لي أنه يود مساعدتي وحاول الاتصال بي مرة ثانية وقال إنه يريد أن يتعرف علي، ذهبت معه بعد عدة أيام إلى شقته في البرامكة وحدث أن ما رس الجنس معي مقابل 7000 ليرة سورية، ولكني بعد ذلك غيرت رقم هاتفي ولم أعاود ذلك معه).
في هذه الأوقات التي تعم فيها الفوضى يبدو أنّ الدعارة هي العملة الثمينة بنظر بعض الشبان أبناء أصحاب الملايين في أحياء دمشق المعروفة مثل حي التجارة والذي تابعت سميرة سردها لما شاهدت بعينها كونها انتقلت الى العمل في تنظيف الشقق, وتقول: (كنت أشاهد هؤلاء الشبان وهم يحضرون الفتيات, منهن من كانت تخاف لأنها (مستحدثة أو جديدة) على هذه المهنة، وأذكر تلك الفتاة الحمصية ذات 19 عاما عندما أتت كانت خائفة وتصرخ ولكن الشباب أجبروها).
الجمعيات الخيرية والتي ينبغي لها أن تكون عوناً لمن طحنتهم ظروف الحرب القاسية كان بعضها شريكاً في الجرم, وكان الطعام وتأمين السكن هو الثمن البخس التي تجري (البيعة) فيه، وهناك مراهقات لم يبلغن سن الرشد أجبرنّ على ممارسة البغاء مقابل الطعام والمال، منهن فتيات عمرهن 15 سنة فقط, وهناك فتيات أجبرنّ بالقوة.
الكثير من الظروف قد أجبرت وطوّعت نساء قد يكن مهيئات نفسيا وجسديا لممارسة الدعارة، وهناك الكثير من الفتيات والنساء اللواتي رفضن كثيرا وأجبرن ضمن ما يحيط بهن من قسوة وفقر على المحافظة على طهارتهن التي قهرتها آلة حرب أتت على الجسد والشرف والعفة للبعض، ودمرت كل شيء جميل في دمشق وغيرها من المدن في سورية .علماً أنّه وبحسب أنباء أفادت أنّ وزارة الداخلية السورية صرّحت رسميّاً ومن خلال إحصائياتها أنها ضبطت ما يقارب 110 بيوت دعارة بين عامي 2012 و2013, وبحسب ذات المصدر تصرّ الداخلية السورية أنّ عدد حالات الدعارة في معظم المحافظات السورية لا يتجاوز الـ600 حالة. ويُذكر أنّ فضيحة هزّت الصحافة العربية في نيسان من هذا العام عندما فكّكت قوّات الأمن اللبنانية شبكة ما قالت إنه أكبر شبكة للدعارة في البلاد وأطلقت سراح 75 امرأة معظمهن سوريات، بحسب مصدر أمني لبناني.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج