مجلة طلعنا عالحرية

الثورة السورية في عامها الثاني: النظام يستثمر بالفوضى / رزان زيتونة

267812_585226991489340_1644054043_n

على أبواب عامها الثالث، ليس بمستغرب ما أضحى يحيط بالثورة من فوضى ومرتزقة ومجرمين يمارسون أعمال الخطف والنهب والابتزاز متى تسنى لهم.

وجميعنا يعلم، أن جزءا كبيرا من تلك الجرائم والممارسات ترتكب على يد شبيحة النظام نفسه. أحد النشطاء المعتقل منذ أشهر، طالب خاطفوه بفدية تبلغ ملايين الليرات للإفراج عنه، ليتبين لاحقا أنه معتقل في فرع المخابرات الجوية بدمشق!

لكن جميعنا يعلم أيضا، أن جزءا كبيرا من تلك الجرائم والممارسات، يرتكب على يد مجموعات وأشخاص محسوبين على الثورة، وبشكل خاص على يد كتائب مقاتلة وما يتفرع عنها من هيئات تحاول فرض سيطرتها كأعتى مستبد.

لم تسكت الثورة عن خطأ أو تجاوز، ودائما ما ارتفعت الأصوات من بين الثوار أنفسهم والنشطاء لإدانة تلك الممارسات ورفضها. المؤسف، هو الهجوم الذي يتعرض له أولئك من قلب الثورة نفسها، ممن يعتبرون أي نقد يوجه وأي خطأ يشار إليه، بمثابة طعن في الثورة ونقطة في صالح النظام. ولدى هؤلاء دائما مبررات للدفاع عن الخطأ وأصحابه. إن كانت الجهة مرتكبة الانتهاك إسلامية، ففي نقدها طعن بالإسلام وتهجم عليه. وإن كانت غير ذلك، ففي نقدها شق للصفوف وإثارة للفتنة!

يتحدث هؤلاء وكأن الثورة ليست على أبواب عامها الثالث، ولا أحد يدري كم ستستمر بعد.. وكأنها حدث طارئ يجيز هذا الكم الهائل من الاستثناءات، ولا يعون أن ما يتراكم من أخطاء يصبح مع الوقت بمثابة أمر واقع تجري مأسسته وحمايته من قبل أصحابه.

لا يدرك هؤلاء، هول أن يعتقل ناشط ويجلد، كأننا في القرون الوسطى، لرميه لافتة في تظاهرة سلمية. كالعادة، اعتُبر الدفاع عن أبو مريم تهجما على الإسلام وانتصارا للعلمانية!!

وبالمثل وجد من يدافع عن اعتقال اعلاميين من “مركز حلب الإعلامي” و”حلب نيوز”، من قبل “لواء أحرار سوريا”، بعد نشرهم خبرا عن قتل اللواء لمواطنين في قاضي عسكر. مبررين ذلك مرة بأن القتلى من الشبيحة، ومرة بأن لا أساس من الصحة للخبر!

كيف استطاع هؤلاء ليَّ عنق ما حصل لصالح تفسيرات ضيقة لا تنذر إلا بالأسوأ. هل الاعتقال والجلد هما العقوبة المناسبة للاختلاف في الرأي في سوريا المستقبل؟ هل استشهد مظهر طيارة وأنس الطرشة وباسل شحادة ومئات سواهم، كيف يُعتقل الاعلاميون في سوريا المستقبل بناء على نشرهم كلمات لا تعجب البعض؟!

ما “يشق الصف” فعلا هو التستر على الأخطاء ومهاجمة منتقديها. محاولة جر القضية من قضية حريات وحقوق إلى قضايا هامشية وصراعات ايديولوجية. لن ينسى السوريون لماذا قامت ثورتهم، وأنهم لن يطيقوا بعد اليوم إحساس الخوف من التعبير عن رأيهم.. وأن المعتقلات ستصبح من الماضي ولن تعود لتمثل حقبة جديدة من تاريخ سوريا.

تحية بحجم الثورة إلى أبو مريم، كمواطن سوري اعتقل تعسفا وتعرض للتعذيب والمهانة. وألم السياط التي تلقاها جسده في رقبتنا جميعا ما لم نقف في وجه من يستسيغ لعب دور المستبد في قلب الثورة. تحية بحجم الثورة لإعلاميي حلب ولجميع من تضامن معهم.

الثورة محكومة بالفشل إن استكنّا للمستبدين الجدد.. الثورة مستمرة، على حد تعبير صفحة “أحفاد الكواكبي” الرائدة في الدفاع عن الثورة وأهداف الثورة في الحرية والكرامة.

Exit mobile version