Site icon مجلة طلعنا عالحرية

التعليم للسوريين في تركيا.. الحكومة المؤقتة غائبة تماما !

كفاح عباس – عنتاب
وثّقت هيومن رايتس ووتش في تقريرها الصادر بتاريخ 9 تشرين الثاني 2015 عدد الأطفال السوريين في سن الدراسة في تركيا وقدرته بـ 708 آلاف طفل في سن الدراسة، وحسب المنظمة فإن من التحق بالمدارس لا يشكلون أكثر من 25% من هؤلاء الأطفال، وأن أكثر من 400 ألف طفل سوري لا يتلقون تعليمهم في تركيا، وأرجعت المنظمة الأسباب إلى الصعوبات الماديّة، وحاجز اللّغة، وصعوبات الاندماج، ونقص المعلومات لدى الأهالي حول قضايا التعليم.

قامت الحكومة التركية ومنذ بداية العام الدراسي الجاري، بإلغاء كل المدارس الخاصة السورية في كل المحافظات التركيّة، واستعاضت عنها بالمدارس الحكومية التركية بدوام مسائي للطلاب السوريين، ولكن هذه الإجراءات لم تحدّ من ظاهرة التسرّب من المدارس، والتسوّل، وعمالة الأطفال، التي تفتك بجيل كامل من الأطفال السوريين.

لم يقم الائتلاف والحكومة المؤقتة بأي تحرك جديًّ للحدّ من هذه الظاهرة، واقتصرت التحركات على مبادرات فردية قام بها أفراد أو منظمات غير حكومية، حاولت سدّ الثغرة.

يقول الأستاذ سليم عبد الغني وهو مديرلمركز قوس قزح للتربية والترفيه: “يضمّ مركزنا 56 طفلاً، كانو جميعاً إمّا متسولين أو جامعي قمامة، نحاول إعادتهم الى أجواء التعليم عن طريق نشاطات ترفيهيّة وتعليميّة بسيطة، ومن ثم نحاول تسجيلهم في المدارس الحكوميّة”.

ويضيف الأستاذ عبد الغني: “تواجهنا عقبات أهمّها أنّ الحكومة التركية لم تعاملنا كلاجئين، ولنا حقوق اللجوء، بل تُعاملنا كضيوف، وهذا نتج عنه نسبة التسرب الكبيرة للطلاب من المدارس بسبب سوء أحوال أهلهم المادية، فعلى الرغم من كون المدارس مجانية، إلا أن بعد المسافات والمواصلات الغالية دفعت بالعديد من الأهالي إلى عدم إرسال أولادهم إلى المدارس، ودفعهم إلى العمل لسدّ حاجات الأسرة”.

وعن المركز يقول: “يعتمد المركز بالكامل على مدرّسين متطوعين، وقام بتسجيل عشرة طلاب من أصل 65 في المدارس الحكومية ويحاول زيادة هذا العدد بشكل دائم”

السيدة بشرى، وهي والدة لطفلة في الصف الرابع تقول: “هناك أخطاء علميّةٌ كثيرةٌ في المناهج، وبخاصة في منهاج اللغة العربية والرياضيات، كما أن محاولة إدخال المعلومات عن الثورة السورية تبدو فجّة وغير منسجمة مع المناهج، إضافة إلى أن أغلب المدارس في العامين السابقين كانت ذات طابع إسلامي متشدّد، وتعرضت العديد من المدرّسات والطالبات غير المحجّبات للمضايقة من قبل مدرّسين ومدرًّاسات وأحياناً من قبل طلاب”.

وتضيف السيدة بشرى: “بسبب عدم وجود مرجعيّة، أو جهة رقابيّة على المدارس فإن المدرسين يعطون المناهج وفق تصوّراتهم الخاصة، وهذا ما أدى لوجود الكثير من الفكر المتطرف في المدارس، حيث وصل أحياناً إلى حد إلغاء الآخر المختلف، إلى درجة أنّ بعض المدرّسين يجاهرون بدعمهم لـ “داعش” أمام الطلاب”… “أضف إلى ذلك أنّ الباصات التي تنقل الطلاب تابعة لشركات تركية وتتحكم بوقت الطلاب وعددهم في الباص الواحد، مما يؤدي لتأخير الطلاب أحياناً لساعةٍ ونصف عن بيوتهم بعد انتهاء الدوام، والإدارات تتنصل من مسؤوليتها عن الموضوع “.

الأنسة سعاد مدرّسة تعمل في مدرسة سوريّة خاصة وهي من المدارس القليلة المتبقّية التي تعمل تحت مسمّيات مختلفة كمعاهد لغة تركية أو مراكز ترفيه.. تقول: “في ظلَّ غياب الرّقابة والمرجعية بالنسبة للمدرسين، وكون مدراء كل المدارس الآن مدراء أتراك، فإن المدرسين يقومون بحذف جزء أو أجزاء من المنهاج، والموضوع تابع لأهوائهم ووقتهم. والخطة التي وضعتها الحكومة التركية بتخصيص المدارس الحكومية بعد الظّهر للسوريين زادت الأمر سوءاً على الطلاب والمدرسين، حيث أصبح الطلاب يعودون إلى منازلهم بوقت متأخّر، وكذلك المدرّسون. إن التأخر في الدوام وانخفاض البدل المادي الذي يتقاضاه المدرّسون يؤدي إلى عدم الجدّية في التدريس وإهمال الطلاب”.

تضيف الآنسة سعاد: “وبسبب قلّة المدارس في مدينة عنتاب فإن ما خصّصته الحكومة التركية للطلاب السوريين لا يستوعب الأعداد الكبيرة منهم، ويتم حشر أكثر من ستين طالباً للصفوف الدنيا في صفٍ واحدٍ، وهو ما يصعّب العمليّة التعليميّة على المدرسين بشكل كبير، ويجعل من الصعب جدّا ً على المدرس إيصال المعلومات لهذا العدد من الطلاب”.

الحكومة المؤقتة في غياب كامل عن أداء مهامها، وهي بعد قطع الدعم القطري عنها عاجزة حتى عن دفع رواتب موظفيها، وهذا الشلل الذي أصاب الحكومة بعد انقطاع الدعم عنها انعكس على كل جوانب حياة السوريين في تركيا عامة وعنتاب خاصة وهي الآن عاجزة عن تقديم أبسط الخدمات للسوريين في تركيا.

وفي محاولة منا لمعرفة موقف الحكومة المؤقتة من هذا الوضع المتردّي للتعليم في تركيا، حاولنا الاتصال بالوزير ومستشاره ولكنهما وليومين على التّوالي كانا خارج نطاق التّغطية. ولم نستطع الوصول إليهما.

نهاية وجب التنويه أن الحكومة التركية تبذل جهداً في سبيل توفير التعليم للطلاب السوريين، ولكن هذا الجهد لا يرتقي لحجم المشكلة الكبير. نحن أمام جيل من الأطفال لا يتلقّى تعليمه وهو الأمل الذي نراهن عليه في بناء سورية المستقبل.

Exit mobile version