شهدت أسواق ريف حلب الشمالي، وإدلب على حد سواء ارتفاعاً بأسعار المحروقات والكهرباء والماء مع بداية شهر تموز يوليو، بنسب متفاوتة بين مادة وأخرى، مما زاد معاناة الأهالي في تأمينها وعزوف آخرين عن شرائها أو توفيرها لمنازلهم في ظل الحاجة الملحة إليها، لا سيما أنها من ضروريات الحياة اليومية، التي يعتمد عليها السكان.
وتلقى السكان صدمة كبيرة جراء ارتفاع سعر تعبئة الكهرباء، التي ارتفع سعرها بنسبة تتراوح بين 20 و25% من منطقة إلى أخرى، بحسب الشركة الموفرة للكهرباء في مدن ريف حلب الشمالي، دون معرفتهم للأسباب، التي ربطها مسؤولون بانهيار الليرة التركية المتواصل أمام الدولار الأمريكي، وارتفاع تكاليف إيصال الكهرباء إلى المنطقة.
يقول “صالح الحسن” وهو نازح من بلدة معرشمارين بريف معرة النعمان إلى ريف حلب الشمالي: “إن ارتفاع سعر الكهرباء بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة دفعني إلى تخفيض نسبة الصرف الشهري؛ فكنت أشحن بطاقة الكهرباء بقيمة 100 ليرة تركية وأحصل على 136 كيلو واط، تكفيني لشهر، أما الآن فأصبحت أحصل بالقيمة المالية نفسها على 114 كيلو واط”. وأضاف: “في بادئ الأمر كان اعتمادنا على الكهرباء في طهي الطعام، وغسيل الثياب وتبريد الماء والأطعمة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، إلا أننا الآن أجبرنا على تخفيض عدد ساعات تشغيل المعدات الكهربائية المنزلية من أجل توفير مصاريف الكهرباء قدر المستطاع”.
ويشير الحسن، وهو معلم بناء لا تتجاوز يوميته 5 دولارات أمريكية، خلال حديثه إلى مجلة طلعنا على الحرية أن “الأسباب الرئيسية التي تمنعه من مواصلة حصوله على الكهرباء بكميات كافية أن لديه مصاريف أخرى، من بينها إيجار المنزل والحاجيات الأساسية اليومية للأسرة”.
كما سجلت المحروقات ارتفاعاً ملحوظاً خلال مطلع تموز/ يوليو الجاري، حيث ارتفع سعر ليتر البنزين في السوق المحلية إلى 7.5 ليرة تركية، أما المازوت المكرر محلياً ارتفع إلى 4 ليرات تركية بينما المازوت المستورد التركي وصل سعر الليتر الواحد منه إلى 5.25 ليرة تركية.
كما ارتفع سعر أسطوانة الغاز تدريجياً، حيث كان سعرها خلال شهر كانون الثاني/ يناير من هذا العام 60 ليرة تركية، وارتفع إلى 80 ليرة تركية، ومع بداية هذا الشهر فقد وصل سعر الأسطوانة 100 ليرة تركية، في حين انخفضت خلال الأيام القليلة الماضية إلى 90 ليرة تركية.
يقول “عبد الكافي أبو زكور” وهو صاحب متجر لبيع المحروقات في مدينة مارع بريف حلب: “رفعنا تسعيرة البنزين والمازوت والغاز بسبب ارتفاع سعرها من المصدر التي تأتي منه وهو تركيا، بسبب انهيار العملة التركية أمام الدولار الأمريكي”.
وأضاف: “أسعار المحروقات مقيدة عالمياً ومرتبطة بالدولار، وما يجري من ارتفاع سببه انخفاض قيمة الليرة التركية، وربما المصدر الذي نحصل منه على المحروقات، والتجار هم من رفعوا التسعيرة، حيث كان سعر برميل البنزين 150 دولار أمريكي أما الآن سعره وصل إلى 175 دولار أمريكي، وهذا الارتفاع ليس فقط على البنزين، وإنما المازوت والغاز أيضاً”.
“عبد الغني الحسين” يعمل مستخدماً في محكمة مدينة صوران بريف حلب الشمالي، قال لمجلة “طلعنا على الحرية” إن أسعار المحروقات أصبحت مكلفة جداً، فهو يحتاج يومياً 2 ليتر من البنزين للذهاب إلى عمله على الدراجة النارية من مدينة مارع إلى مدينة صوران، أي أنه شهرياً يحتاج 300 ليرة تركية لقاء تكلفة الطريق.
وأضاف: “راتبي فعلياً لا يتجاوز الـ 600 ليرة تركية شهرياً، أضع نصف المبلغ لقاء أجر ذهابي للعمل، والنصف الآخر كيف سيؤمن لأسرتي المكونة من 5 أفراد حاجياتهم اليومية من طعام ولباس وغاز لطهي الطعام والكهرباء”.
وأشار، إلى أن مواصلة ارتفاع الأسعار وبقاء مصادر الدخل على ما هي عليه أمر قد يصل إلى كارثة في المنطقة، لاسيما أن معظم السكان يعتمدون على الوظائف المتاحة محلياً والعمل الحر في حال توفره.
وارتفع سعر ماء الاستعمال في مدينة الباب شرقي حلب في ظل أزمة انخفاض منسوب المياه إلى 40 ليرة تركية لألفي ليتر ، بينما في مدينة مارع واعزاز يتراوح بين 20 والـ 25 ليرة تركية في ظل انقطاع مياه الشركة التي توفرها خدمات البلدية في كل منطقة للسكان.
ويضطر السكان للحصول على المياه من خلال صهاريج نقل المياه من الآبار البعيدة، إلى مراكز المدن، وتحتاج الأسرة أسبوعياً حوالي 4 آلاف ليتر من الماء كحد وسطي.
ويشكل استمرار ارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء والماء آثاراً مختلفة على السلع الأخرى من مواد غذائية وخضروات التي تعتمد على النقل، وكذلك أيضاً المنتجات المحلية الأخرى منها الزراعية والصناعية التي تعتمد على الكهرباء.
وإلى ذلك يحاول السوريين التغلب على مآسي الحياة اليومية، من خلال تأمين الشيء البسيط من الضروريات، في ظل تردي المردود الشهري في حال توفر الوظيفة، وقلة أجور العمل اليومي “المياومة” في حال توفرت الفرصة، حيث لا يمكن أن يجني العامل يومياً أكثر من 3 دولار أمريكي
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج