Site icon مجلة طلعنا عالحرية

إلى الشهيدة رقم 2935.. رحاب تقريبًا

اللوحة للفنانة بتول محمد

اللوحة للفنانة بتول محمد

ألاء حسانين

عربات كثيرة

محملة بالجثث

تجرها الخيول إلى مكان بعيد

 

عربات كثيرة

تتدلى منها أيد وأقدام مدماة

ورؤوس ممتلئة بالأحلام

وعيون

تحت جفونها.. نظراتٌ كثيرة.

 

عربات كثيرة تمر

ملائكة، وحفارون، مصابو حرب، وناجون يجمعون الجثث من فوق التلال

من المنازل

من فصول المدرسة

من البارات

من السجون،

من قاعات المحاكم

والحدائق العامة..

 

يلتقطون الأطراف من فوق الأغصان

يسحبون الأطفال الموتى من تحت أغطيتهم

يحملون النساء من أمام المرايا المهدمة.. في المنازل المهدمة..

النساء الميتات بفساتين جميلة

وتسريحات شعر مرتبة

وكأنهن كن ذاهبات إلى حفل.

 

يجمعون شعبًا بأكمله

بأحلامه

بنقوده المدخرة لأيام سوداء كهذه، بفساتين أعراسه

وبألعاب أطفاله وكتبه المدرسية.

 

جثة وحيدة ملقاة على رصيف..

جثة بجانب محل تجاري مهدم..

جثة لم ينتبه إليها أحد

لم يحملها ملك في عربة

لم يقرأ أحد على روحها الفاتحة

ولم يطبع أحد قبلة أخيرة

فوق جبينها.

 

رحاب لم تمت

إنها تستيقظ كل صباح

تقرأ رسائل بريدها الإلكتروني

تسقي الأزهار في الشرفة

تجمع الملابس من فوق حبل الغسيل

 

تقرأ كتابا

تعد كوبًا من القهوة، ولا تشربه

تترك دائما على الطاولة

كوب قهوة باردا وكتابا

 

رحاب تستيقظ من موتها كل صباح

تستيقظ في فراشها

بأقدام باردة

وحزن خفي لا تعرف سببه

تتفقد المنزل

وتعد طعاما لكل أفراد الأسرة

 

إنها متأكدة

أن إخوتها

– حتى وإن ماتوا-

فلن يتوقفوا عن العودة من مدارسهم

وأن والدها

– وإن كان مستلقيا في قبره-

فسيعود حتمًا من عمله بعد قليل.

 

وقبل أن تغادر رحاب

قبل أن تعود لجسدها الملقى ميتًا

 

تحرص أن تترك الأضواء مضاءة

الباب مفتوحا على آخره

الطعام على الطاولة

وكوب قهوة باردا..

لربما مر قائد عسكري من هنا

ليحصي قتلاه،

ويصفق لنفسه..

 

على رحاب..

أن تظل حية دائمًا

كي تخيب ظنه.

Exit mobile version