Site icon مجلة طلعنا عالحرية

إذا الشعب يوماً..

لوحة للفنان سمير خليلي

من الخطاب الشهير للرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي أعلن فيه حلّ البرلمان المنتخب، وإعفاء الحكومة والسيطرة على مفاصل الحكم ومنها القضاء، إلى إعلان الجنرال حفتر رفضه لأي إدارة مدنية للبلاد، إلى إعلان حركة طالبان سيطرتها على باقي المدن الأفغانية المفصلية بعد انسحاب الأمريكان، تتعزز لدى الشعوب المستضعفة عوامل التطرف والعدمية. فلا شيء يجدي، لا الثورات السلمية ولا حركات التحرر الوطنية المسلّحة. وكل ما يقوله الغرب عن نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان كذب، ولا أصدقاء لنا نحن المستضعفين المقهورين.

إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. فستنبت في أرضه فطريات مسلّحة، بشعارات إيمانية وبنادق كافرة، ترى الحياة بقتل المغاير، أو إكراهه في كل تفاصيل حياته.. ومماته!
إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. ستتمسكن له جنرالاته حملاناً وادعة حتى يعطيها الأمان، لتنقلب عليه ذئاباً كاسرة، وتعيده تحت البسطار، أو حوله، وتؤمن له كل حقوقه.. في تلميع البسطار!
إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. تتقاطر على أرضه الجيوش، لتصبح مهمة تحرره تابعاً لوغاريتمياً من الدرجة العاشرة.
إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. يموت بعضه، ويُسجن بعضه، ويُحاصر بعضه، ويهجَّره بعضه، وينسحق الباقون منه في سعيهم وراء اللقمة..
إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. تنعقد على اسمه مؤتمرات وجلسات لمجلس الأمن؛ تقول إن الحق معه، لكننا سندعم الباطل.. ضدّه!
….
كل ذلك حصل.. وأكثر.
والواقع يقول بوضوح إن الحياة الكريمة مطلب عصيّ على التحقيق..
ولكن..
إذا الشعب يوماً أراد الحياة..
عليه أن يعرف -أو يتعلّم- أن التغيير هو مسيرة حياة، وليس لحظة حماسية عابرة..
إن كانت دراسة التجارب الفاشلة أو غير المكتملة من موجبات التغيير فهي واجبة، وملحّة. وإن كان بناء العلاقات الصحيّة مع القوى المؤثرة من أسباب التغيير فهو أيضاً واجب ملحّ. وإن كان طريق التغيير صعباً وفيه مطبّات وحفر وأفخاخ، فعليه أن يخوضه بحفره ومطباته ورياحه المعاكسة..
إذا الشعب يوماً أراد الحياة..
لتكن تتمة الشطر أي تتمة.. سيئة أو متفائلة.. ولترسل قوى الظلام في الأرض كل رسائل التطرّف والجنون والعدم.. غير إن البقاء على ذمّة الانحياز للحياة والتحرر والكرامة، أفضل ألف مرة من الركون لقوانين الظلم والاستعلاء في الأرض.. وإن تأخرت استجابة القدر..
إذا الشعب يوماً..
سيبقى منه ولو فرد واحدٌ، يكافح على قيد الحياة..
على قيد الشرف!

Exit mobile version