Site icon مجلة طلعنا عالحرية

أيـن الـحـقـيـقـة يـا حـلـب؟!

كارثة الشهباء.. وطيفٌ من الألوان الجديدة بطعم الاحتلال ..

خليل الصبيح

لم يعد أهالي مدينة الشهباء وريفها على قلب رجلٍ واحد، فمنهم من غادرها ومنهم من لقى حتفه، وآخرون تجمعهم رابطة الدم والأرض والتاريخ يتصارعون في ميادينها، بأجنداتٍ خارجية في حربٍ تذكر العالم بمعركة ستالينغراد الشهيرة.

بيد أن الكوارث التي تتعرض لها المدينة جراء قصف الطيران الروسي وقوات النظام وميليشياتها، كشفت القناع عن تجار السياسة، فضلاً عن ظهور مصطلحاتٍ حديثة يُسوِّق لها الإعلام الروسي الرسمي، حين أعلن أنهُ ما من دولةٍ في التاريخ اسمها “سوريا”، وأنّ هذه البقعة من الأرض المسماة الآن “سوريا” ستكون “روسيا الجديدة”.

وبناءً على ما سبق، ردت قاذفاتُ فلاديمير بوتين في حلب على العملية السياسية بجنيف، حين رفضت الهيئة السورية العليا للتفاوض قبول المفاوضات قبل إرسال المساعدات ووقف القصف.

المحلل السياسي والاستراتيجي “محمود المؤيد” يؤكد لـ”طلعنا عالحرية”، أن نظام الأسد يحتاج حلب كبعد استراتيجي من نواحي عدة، أولها معنوي كون حلب تشكل مركزاً اقتصادياً، وبُعداً عسكرياً يحرم المعارضة من حلب كخزان بشري ولوجستي، والبعد الأخير أمني، فهو يمنع المشروع التركي “العمق الاستراتيجي”.

وأضاف أيضاً أن “أبعاد معركة حلب، توضح اللعبة الدولية التي لاتزال في بداية الترتيبات، فهي لا تشمل الخرائط الجيوسياسية فقط، بل الديموغرافية التاريخية والسكانية والدينية”.

معادلة حلب: أحلامٌ ثورية قيد الانتظار وواقع مشغول بتدميرها

تستميت قوات المعارضة في مواجهة قوات الأسد من جهة والميليشيات القادمة من إيران والعراق ولبنان وكذلك ميليشياتٌ كردية برزت للعلن، وأضحت تتوق للسيطرة على بلدات محررة قدمت أبناءها قرابين حتى نالت حريتها.

وأكد أحد الضباط الأحرار الرائد المظلي “علي جمعة” في تصريحٍ خاص لـ”طلعنا عالحرية” أنه “ثمة لعبة كبيرة تجري في سوريا ما أدى إلى تفاقم الأوضاع في حلب وغيرها”، ولفت إلى أن قادة الفصائل المُعارِضة اتبعوا تعليمات الخارج وساندوا تلك اللعبة من أجل “تقسيم سوريا إلى أربع دويلاتٍ (كردية – علوية – سنية – درزية)” على حد قوله.

من جانبه أوضح العميد “أحمد فرزات” أن “الأمور في حلب تتجه للأسوأ جراء التفرقة”، مطالباً باتحاد الفصائل وثباتها على موقفٍ واحد.

بدوره أكد الصحفي “مرهف صوان” أن “النظام لا يملك زمام المبادرة في حلب، فالقوات التي فكّت الحصار عن نبل والزهراء هي عصابات طائفية والعمليات الجوية التي تقودها روسيا”.

وأردف صوان قائلاً: “إن معركة حلب هي تصفية حسابات بين روسيا وتركيا، أما محلياً فإن مايحدث قد يمهد لتقسيم سوريا إلا في حال حصول تطور عسكري جديد يخلط الأوراق من جديد”.

التهجير القسري والخوف من الأعظم (التغيير الديموغرافي)

وقد تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين إلى الحدود السورية التركية هرباً من القصف، في وقتٍ طالبت فيه دول أوروبا بضرورة استيعاب تركيا لملايين الهاربين إليها، خوفاً على حدود “شينغن” الأوروبية.

ويوجد أكثر من 500 ألف سوري موزعين على اعزاز وسجو، في 10 مخيمات على الشريط الحدودي وفي معبر باب السلامة، هجَّرتهم الميليشيا الكردية وقوات النظام.

وأفاد ناشطون وسكانٌ محليون أنه ثمة تخوفٌ من التهجير و”تكريد” المناطق التي تتقدم نحوها الميليشيا الكردية، بهدف تغيير تركيبتها السكانية.

ومما لا شك فيه أنه يبدو غريباً نَيل قواتٍ كردية تُعتبر فرعاً لحزب العمال الكردستاني وتقاتل ثواراً سوريين بريف حلب، ثقة واشنطن التي أشادت بالمعارضة السورية مرةً وخانتها مرات كثيرة، فضلاً عن علاقات الحزب مع نظام دمشق وروسيا، ما أثار ريبةً في المنطقة لم تعد خافيةً على أحد.

مدير الرابطة السورية لحقوق اللاجئين “محمد النعيمي” أكد “أن الأسد وحلفائه ودولاً غربية (لم يسمِّها) عملوا على تغيير ديموغرافي شامل، إن كان من ناحية مذهبية كما في ريف دمشق أو من ناحية عرقية كما يجري الآن في شمال سوريا”.

ولفت إلى أن أكراد سوريا لا يملكون مقومات الدولة لا من حيث الأكثرية ولا من حيث الموقع الجغرافي، مشيراً إلى أن “أمريكا استغلت ذلك في دغدغة حلم الأكراد بالدولة، واستطاعت تجنيد صالح مسلم ومن خلفه الأكراد، في محاربة بقية الفصائل”.

وقال القاضي “حسين حمادة” لـ”طلعنا عالحرية”: “إن ما يجري اليوم في حلب، حقيقةٌ تأتي في سياق المشروع الذي تسعى إلى تحقيقه الولايات المتحدة الأمريكية (مشروع شرق أوسط كبير أو جديد)” مضيفاً: “للأسف تماهى هذا المشروع مع قوى بالداخل السوري تحمل مشروعية (عقدي- كنتوني)، إلى جانب غيابٍ كامل لقيادة سياسية للثورة وتشتتٍ في صف قواها، وارتهان أغلبها لقوىً إقليمية لا يعنيها المشروع الوطني بشيء”.

وأوضح حمادة أن “هذا الأمر سيكون له ارتدادات سلبية كبيرة قد تنهي الثورة إلى حين”، لافتاً أن حلب في جزء من وطن أكبر وأرحب وليس لها خصوصية، مشيراً إلى أنها “آجلا أو عاجلاً ستكون مع بقية إجراء الوطن وحدة متماسكة تشبه وجهها التاريخي”.

وحذَّر أيضاً من أن تقسيم وتوزيع سورية “يُعَمل به خارحيآ”، لكنه أجزم في الوقت نفسه، بأن “هذا المشروع وإن نُفِّذ فإنه لم ولن يدوم”.

حلب أم سراييفو سوريا ضمن استراتيجية الحصار واللهاث وراء المعابر

أفرزت التطورات الأخيرة ما تريده الأطراف المتحركة اليوم بريف حلب الشمالي، فالنظام بارع في الحصار ولديه تجارب عديدة، والميليشيا الكردية تحركت نحو عزاز بعد ساعات من سيطرتها على مطار وبلدة منغ، وبالتالي التوجه نحو المناطق الحدودية وصولاً إلى معبر باب السلامة، الأمر الذي أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان في وقتٍ سابق.

بالتأكيد ستكون حلب على صفيحٍ ساخن، والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، أمام واقعٍ صارم ربما يُعيد ُ للأذهان فترات المظاهرات الثورية السلمية وشعارات شعبٍ صاح مراراً عاشت سوريا ويسقط الأسد..

Exit mobile version