زياد ابراهيم – باريس
آمال عظيمة.. هو عنوان معرض الصور الفوتوغرافية التي تم عرضها في مسرح أورليان الوطني في فرنسا للمصور منار بلال، والذي ضم أكثر من ثلاثين صورة تم التقاطها في مخيم الزعتري الأردني في عام 2013. حيث ضم المعرض أيضاً ثلاثة أعمال تركيبية شكلت دعماً لمجموعة الصور، في محاولة لإيصال الرسالة المرجوة لزوار المعرض.
“طلعنا عالحرية” زارت المعرض وكان لها لقاء مع منار بلال وزوار المعرض الذي ركزت صوره على الأطفال المقيمين ضمن المخيم، لتقف على الفعاليات وردود فعل الزوار والرسالة التي استطاع المعرض تقديمها للمجتمع الفرنسي.
وعن رسالة المعرض سألنا المصور “منار” فأجاب: “أعمل من خلال هذه الصور على تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية التي تعصف بجيل كامل من الأطفال السوريين، في ظل انعدام التعليم، وتحت أقسى الظروف المعيشية، ما يهدد هذا الجيل بالتطرف أمام قلة الخيارات المتوفرة أمامه”. ويتابع: “يأتي المعرض في سياق عملي المتواصل في إطلاق الحملات، بالتعاون مع الفرق التطوعية والمجموعات الإنسانية في دول الجوار، واكتشاف قدرة هؤلاء الأطفال والتخفيف من معاناتهم”.
أما عن تنظيم المعرض والصالة فالتقينا بالسيد “فرانسوا إكزافييه” مدير المسرح الوطني في مدينة أورليان والذي قال بدوره (بالفرنسية كما باقي زوار المعرض الذين التقيناهم): “يهمنا كثيراً -ضمن إطار عملنا في المسرح- أن نقدم المساعدة للفنانين السوريين الموجودين في فرنسا، وخاصة عندما تعبّر أعمالهم الفنية عن قضية إنسانية، لذلك لم نوفر أي جهد في سبيل إقامة هذا المعرض، لأننا نتحمل جزءاً من المسؤولية تجاه هؤلاء الأطفال، وليس هناك أقل من عرض هذه الصور التي تظهر أوضاع هذه المخيمات للفرنسيين، وأن نترك أثراً لديهم ليقوموا بتقديم المساعدة الممكنة”.
وعلى الصعيد الشخصي يتابع “إكزافييه” القول: “بشكل شخصي، أكثر الأشياء التي أذهلتني في هذه الصور هو السعادة عند هؤلاء الأطفال على الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشونها. إني حزين للغاية لما يحدث للشعب السوري، وأنا أيضاً حزين على ما حصل ويحصل لمدينة حلب. إنها مدينة عظيمة حافلة بالتاريخ القديم والموسيقا”.
في مدخل الصالة انتصبت شجرة تدلت خيوطها من السقف وحملت هذه الخيوط صوراً للأطفال السوريين بأبعاد مختلفة، مع قابلية رؤية الصور من كل الجهات، تقول “ماريويل فيتري” إحدى الزائرات: “المعرض مؤثرٌ جداً، فهو يصور لنا براءة هؤلاء الأطفال في المخيمات، أشعر أنهم قريبون جداً مني وهذا يسهل عليّ التفاعل مع قضيتهم”.
في منتصف الصالة انتصب عمل تركيبي؛ وهو عبارة عن جزء من خيمة مصنوعة من أقمشة مهترئة محاكة ببعض الألبسة القديمة، بين هذه الألبسة والقماش المهترئ يظهر شعار المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في عمل ينقل بيئة المخيمات بشكل حقيقي إلى صالة المعرض.
أمام الخيمة التقينا “ميلودي” ومعها طفل صغير، وسألناها عن انطباعها عن المعرض فأجابت: “لم أتوقع أن أتفاعل مع الصور إلى هذا الحد، وبالرغم من أن هذه الصور الجميلة للأطفال تعكس معاناتهم، إلا أننا نراهم فرحين ويلعبون رغم كل الصعوبات التي تحاوطهم”.
ثم تتابع: “بالتأكيد رأيت الكثير من الصور حول المعاناة السورية على شبكات التواصل الاجتماعية وعبر وسائل الإعلام ، ولكن بزيارة هذا المعرض شعرت بالقرب من هؤلاء الأطفال، وخاصة أنني أزور المعرض مع طفل من العائلة. ولا شك بأني متفهمة أبعاد القضية السورية، إلا أن زيارة المعرض منحتني بعداً آخر لمنظوري الشخصي حول ذلك”.
وعن مدى المسؤولية والتضامن مع الأطفال السوريين قالت “ميلودي”: “نحن عادة نرى هذه الصور وتؤثر فينا كثيراً، ومن ثم نذهب ونتابع حياتنا الطبيعية وننسى. ولكن سأحاول كبداية أن أتكلم عن هذا المعرض وعن القضية السورية لكل من حولي”.
بين صور المعرض برزت صورة لطفل وطفلة يفصل بينهما حاجز من الأسلاك يقسم المخيم الكبير إلى قسمين، وكُتب تحت الصورة باللغة الفرنسية: “أحمد ينتظر صديقته عبير حتى تنهي فترة لعبها في مركز يونيسيف، إنهم في ذات المخيم وتفصلهم حواجز”.
تجمع الكثير من الزوار حول الصورة؛ فالصالة امتلأت على غير ما توقع صاحب المعرض الذي قال لنا: “صراحة لم أكن أتوقع مجيء هذا العدد الكبير، أنا مسرور جداً بالإقبال، وخاصة إيصال الفكرة لكثير من الزوار”.
أما “نافيه دومينيك” أحد الزوار فقال لنا: “نعم، أعلم بوجود هذه المخيمات، ولكن هذه المرة الأولى التي أرى فيها صوراً مليئة بالمشاعر والحميمية، وتتيح لك الاقتراب من هؤلاء الأطفال.. هذا المعرض يمثل شهادة عن حياة الأطفال السوريين في مخيمات اللجوء”.
في إحدى زوايا الصالة انتصب بابٌ قديم، تصدر من خلفه أصواتٌ لأطفال يلعبون، مترافقة مع موسيقى عزف على البيانو، حيث يرى الناظر من الشقوق التي تتوسط الباب صوراً للأطفال مع إضاءة خفيفة، في مشهد تعبيري عن الحاجز الذي يفصل الأطفال عن هذا العالم. لكن هذا السجن الكبير لم يمنعهم من حمل كل تلك الآمال العظيمة.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج