آراء من ناشطين وناشطات عن قضية المخطوفين الأربعة وتبعاتها
علي الدالاتي
يمكن القول في العموم إن كل عملية خطف أو اعتقال أو قتل أو تغييب لناشط قد أثرت على مسار الثورة وأضعفتها؛ فسيرورة الثورة وتصاعدها ثم انكفاؤها هي ذاتها مسيرة هذا الاعتقال وهذا الخطف وهذا التوسع في رقعة القتل. إلا أنه في المحصلة من الصعب القول إن تغييب ناشط بعينه قد أثر على سير الأحداث؛ فالنتيجة العامة تأثرت بعوامل أخرى مضادة ضمن واقع دولي لا يريد تحرر الشعوب ولا امتلاكها لمصيرها وإرادتها. ما كان سيتغير في الغالب هو مصير الناشط نفسه؛ فقد يكون شهيداً أو بطلاً، وقد يكون لاجئاً أو ناجياً كما كان البقية.
وبمرور ثمان سنوات على اختطاف الزملاء رزان زيتونة، سميرة خليل، ناظم حمادي، ووائل حمادة بعد هجوم استهدف المكتب المشترك لكل من مركز توثيق الانتهاكات في سوريا ومكتب التنمية المحلية ودعم المشاريع الصغيرة و مجلة طلعنا عالحرية، في دوما في الغوطة الشرقية. استطلعت مجلة طلعنا عالحرية آراء عدد من الناشطين والناشطات عن قضية المختطفين الأربعة وآثارها.
ما هي رسالة رزان ووائل وناظم وسميرة، وهل مازالت رسالتهم قائمة بعد خطفهم؟
جميع من سألناهم هذا السؤال أكدوا أن رسالة الأربعة نابعة من أفكار الثورة السورية في تأسيس دولة لها دستور وقوانين، نابعة بدورها من الشعب، وقائمة على الحرية والعدالة والمواطنة والتعددية وحقوق الإنسان. وكذلك في محاسبة منتهكي الحقوق عبر توثيق الانتهاكات بحق السوريين. وكان رأيهم أن هذه الرسالة مازالت مستمرة، رغم اعتراف بعضهم أن وتيرتها انخفضت بسبب الظروف الحالية. وعن ذلك يقول ثائر حجازي الناشط الذي أدار مكتب دوما لمركز توثيق الانتهاكات بعد اختطاف مديرته رزان: “إن رسالة المخطوفين هي ضمير كل ثائر في الثورة السورية، وكل من يعمل لقيم الثورة السورية مازال حاملاً لرسالة النشطاء الأربعة”
هل أثر خطف النشطاء الأربعة على سير الأحداث الميدانية؟ وهل كان سيتغير مجرى الثورة في حال لم تتم هذه الجريمة؟
انقسم المجيبون عن هذا السؤال؛ فكل من الناشطين الإعلاميين نصر ومحمد من مدينة كفرنبل وبلدة حيش على الترتيب قالا إن الثورة السورية لا تتوقف على شخص مهما بلغت أهميته، وإنما هي فكرة يتم تداولها بين الناس، و”الثورة فقدت الكثير من الناشطين فيها” وكون “حتى الناشطين المختطفين الأربعة أنفسهم كانوا يرون أنهم جزء من الثورة، وأن الثورة يجب أن تستمر” حتى لو فقدت نشطائها، “فالفكرة هي أساس ديمومة الثورة”.
أما وسيم الناشط الحقوقي من بلدة حاس، والطالبة الجامعية هدى المهجرة من وادي بردى إلى شمال سوريا، فكان رأيهما مختلفاً؛ حيث اتفقا على أن تغييب أي ناشط في الثورة السورية، سواء بالتغييب أو الاغتيال انعكس سلباً على مسار الثورة بسبب فقدان هؤلاء الأشخاص الذين يملكون الخبرة والوعي الكافيين بمدى إجرام النظام وكيفية التعامل معه، واتفق معهما ثائر في أن خطف
النشطاء الأربعة كان له تأثير على الأقل ضمن مجال توثيق قضايا حقوق الإنسان في سوريا وعلى مسار العمل المدني في الثورة. كما اتفقوا على أن خطف وتغييب أي ثائر في الثورة السورية له أثر كبير في قلوب السوريين وخاصة إذا كان المختفي يملك تأثيراً على الرأي الشعبي. وهذا ينطبق على المغيبين الأربعة، وهم معروفون بكونهم من أبرز معارضي النظام، حتى من قبل الثورة.
كيف ترى كون المختطفين الأربعة مشهورون بينما هناك مغيبون كثر مغمورون؟
جميع من سألناهم أكدوا أنه لا فرق بين مغيب ومغيب آخر، ولكن “كون الأربعة معروفون فهم أشبه برموز للمغيبين جميعاً”، فلا فرق بين رزان ووائل وسميرة وناظم أو أي معتقل أو مغيب. ولكن بسبب شهرة الأربعة يتمّ تسليط الضوء عليهم، وبهذا يتم تسليط الضوء على قضية جميع المعتقلين والمغيبين.
برأيك ما هو مصير النشطاء الأربعة؟ وخاصة بعد سيطرة قوات النظام السوري على منطقة الغوطة الشرقية حيث فقدوا، و خروج كافة الفصائل العسكرية منها؟
الجميع هنا رجح نظرية المجهول بالنسبة لمصير الأربعة، بعد أن أكدوا بأنه لا يمكن التكهن بمصير الأربعة، بعد هذه الفترة الزمنية الطويلة من عملية الاختطاف، وخاصة بعد سيطرة قوات النظام على منطقة الغوطة الشرقية وخروج قوات المعارضة منها. رغم أن بعض من سألناهم ومنهم الناشط نصر، لم يخفِ ظنّه عن مصير المغيبين الأربعة؛ بأنه “من الممكن أن تكون قد تمت تصفيتهم وإخفاء رفاتهم، دون أن نستطيع الجزم بذلك”، ولا يعتقد نصر أن النظام قد وصل لشيء عن مصير المختطفين، لأنه لو فعل ذلك “كان صنع منه حدثاً إعلامياً، واستغله ضد المعارضة في المحافل الدولية”.
من قام بعملية خطف الناشطين الأربعة برأيك، ومن هم المستفيدون من تغييبهم؟
الجميع أكدوا أن المستفيد الأكبر من عملية الخطف هو نظام الأسد؛ فكل من ساهم بتغييب هؤلاء الأربعة هو شريك مع النظام بالحرب على الثورة السورية. كما أكدوا أن أصابع الاتهام بالخطف تتجه نحو جيش الإسلام أو على الأقل أن العملية كانت بتسهيل منه.
ونوّه محمد إلى أن “المناطق المحررة لم تكن مضبوطة بشكل كامل، ومازالت تتعرض لعدة اختراقات مستمرة، سواء من قبل خلايا تتبع لقوات النظام أو تنظيم داعش أو الحرس الثوري الإيراني والمليشيات الطائفية المرتبطة بالنظام” ومع ذلك يتابع: “أن فصيل جيش الإسلام المسيطر على مدينة دوما بتلك الفترة يتحمل جزءاً من المسؤولية، كونه لم يوفر الحماية للناشطين الأربعة”.
أما ثائر فقال إن “المتهم الأول بعملية الخطف هو جيش الإسلام كونه الجهة المسيطرة على مدينة دوما مكان خطف الأربعة، وهو نفسه من قام بتهديدهم، وأرسل عدة رسائل تهديد لرزان إن لم تخرج من الغوطة، وأطلق الرصاص على باب المكتب الذي خطف منه الأربعة قبل عملية الخطف بأيام معدودة..”. فيما أضافت هدى لقائمة المتهمين “نظام الأسد، والفصائل الراديكالية؛ كون تلك الفضائل كانت ترى في رزان ورفاقها عقبة في طريقها لخطف الثورة”.
صحفي سوري مقيم في إدلب، يدرس في كلية العلوم السياسية
مهتم بقضايا حقوق الإنسان والتهجير القسري في سوريا