هاديا منصور
لا تكاد تغيب درعا عن الساحة الإعلامية حتى تعود إليها بأحداث تصعيد جديدة، رغم الاتفاقيات الهشة والتسويات التي لم تكن أكثر من نار تحت الرماد تتأجج نيرانها كل مدة، وخاصة بعد فشل قوات النظام باقتحامها، عقب حملة عسكرية واسعة على درعا البلد مستخدمة شتى أنواع الأسلحة كما حصل مؤخراً.
دفعت أحداث درعا الأخيرة أهالي إدلب وشمال غرب سوريا، مقيمين ونازحين، للتضامن مع درعا خلال الحملة هناك والتي راح ضحيتها مدنيين بينهم أطفال ونساء.
يقول “حسام الجندي” (35 عاماً) وهو ناشط حقوقي من إدلب: “إن قضية درعا وإدلب وباقي المناطق السورية هي قضية واحدة، ودرعا اليوم تحمل على عاتقها كل حرب السوريين ضد نظام الأسد المستبد والمجرم”، مضيفاً: “من واجب كافة المناطق المحررة وفصائل المعارضة نصرة أهالي درعا وفتح جبهات للتخفيف عنها قدر المستطاع، لتشعر درعا أننا معها وتنقذ ما تبقى من معاقل المعارضة في الجنوب السوري”.
وكان النظام السوري روج قبل حملته الأخيرة على درعا أنها تضم إرهابيين ودواعش كي يبرر هجومه على المدنيين وارتكابه الجرائم المتعددة وحصاره للمدينة، وقد تكون جولة التصعيد هذه مختلفة عن سابقاتها، وبات واضحاً قلق النظام وحلفائه روسيا وإيران من إمكانية تأسيس إدارة ذاتية في درعا، وأن تشكل مع السويداء المجاورة التي تتمتع بنوع من الإدارة الذاتية، نواة لإدارة ذاتية تشمل عموم الجنوب السوري.
وفي السياق يرى الطبيب “لؤي الحسن” (40 عاماً) وهو نازح من درعا ومقيم في إدلب، أن المنطقة الجنوبية، وتحديداً درعا، هي مهد الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت قبل عشرة أعوام ضد نظام الأسد، وانتقلت منها إلى بقية المدن والمناطق السورية، موضحاً: “تحولت منذ ذلك الحين إلى أيقونة في وجدان الشعب السوري الرافض لحكم الأسد، ومن هنا أطالب بعدم التخلي عن درعا وتجديد المظاهرات بشكل مستمر، ونشر التعليقات والصور ضمن هاشتاغات متعددة على مواقع التواصل الاجتماعي ومنها #لا تتركو درعا وحيدة، #درعا لن تهزم#، #درعا مهد الثورة السورية تحت النيران ، وغيرها من العبارات للفت أنظار العالم لما يجري في درعا البلد”.
ويشيد الحسن بصمود أهالي درعا وشجاعتهم رغم كل ما تعرضوا له من انتهاكات وجرائم من قبل قوات النظام لإخضاعهم وإذلالهم.
وتتفق آراء السواد الأعظم من المدنيين في إدلب على التضامن مع درعا وإعجابهم ببطولاتها، وقد عبروا عن ذلك بالمظاهرات التي عمت أرجاء إدلب وشمال غرب سوريا، وأشارت لافتاتهم إلى مدى دعم أهالي إدلب لدرعا وتضامنهم مع محنتها وما تتعرض له من اعتداءات، والتي كتبت عليها عبارات متنوعة منها: “درعا درع الثورة ومصدر قوتها”، “لا اتفاقية ولا عهد مع قاتل”، “درعا صامدة ولن تهزم”، “درعا على أبوابها سيسقط الطغاة”، “من إدلب العز: آني من درعا”، “من حوران هلت البشاير”.. وغيرها.
الأربعينية “رهام العبد الله” وهي من درعا ومقيمة في إدلب منذ ست سنوات، لم تخفِ خوفها على مدينتها ومسقط رأسها من استيلاء “ميليشيات الأسد” عليها، وتقول: “إن سقطت درعا ستسقط سوريا كلها بيد النظام المجرم، فدرعا التي ضحّت وما زالت منذ بدايات الثورة السورية بالغالي والنفيس من أجل ثورة يتيمة تخلى عنا القاصي والداني لن تستسلم ولن يكون هناك مكان ليأسها، هي صامدة وتدافع عن حقها في الحياة وعن حق كل سوري في الكرامة والحرية والعيش الكريم”.
وبينما تشهد محافظة درعا جنوب سوريا تطورات ميدانية متلاحقة، ترنوا الأنظار إلى مصير أحد أهم معاقل الثورة السورية وحصنها المنيع وترى الآمال فيها بالنصر.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج