المحامية دعد موسى
لا يعتبر قانون العقوبات السوري العنف ضدّ المرأة جريمة، بل يشجع على ارتكاب العنف ضدّها في العديد من مواده، ونشير هنا إلى بعضها:
1 – فصل الاعتداء على العرض الوارد في المواد 489 إلى 508
– المادة 489: “من أكره غير زوجه بالعنف أو التهديد على الجماع عوقب بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة على الأقل”.
(الاغتصاب الزوجي): هذه المادة لا تعترف بالاغتصاب في إطار الزوجية؛ بمعنى أنها تعطي للزوج حق اغتصاب زوجته قانوناً، لذلك لا بد من تعديل نص المادة وحذف كلمة “غير زوجه” من تعريف الاغتصاب.
– المادة 508 – زواج ضحايا العنف من مرتكب الجريمة:
1 – إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة، وإذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه.
2 – يعاد إلى الملاحقة أو إلى تنفيذ العقوبة قبل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة وانقضاء خمس سنوات على الجناية إذا انتهى الزواج إما بطلاق المرأة دون سبب مشروع أو بالطلاق المحكوم به لمصلحة المعتدى عليها.
وهذه المادة تم تعديلها لتصبح على الشكل التالي:
المادة 9: تلغى المادة 508 ويستعاض عنها بـ “إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجنايات الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها:
1 – يستفيد من العذر المخفف وفق أحكام المادة 241 على أن لا تقل العقوبة عن الحبس سنتين، ويعاد إلى محاكمة الفاعل إما بطلاق المرأة دون سبب مشروع أو بطلاق المحكوم لمصلحة المعتدى عليها قبل انقضاء خمس سنوات..”.
ألغيت المادة (508) والتي كانت تعفي المعتدي على الضحية من العقوبة في حال زواجه منها بعقد زواج، ويحبس سنتين فقط و5 سنوات إذا طلقها. الزواج مكافأة وتشجيع لمرتكبي العنف الجنسي ضدّ النساء، وانتهاك لكرامة وحرية النساء وحقهن باختيار الزوج، ولا بد من معاقبة المجرمين على جرائمهم وعدم إكراه الفتيات على الزواج لمنع الفضيحة والسترة.
وهنا نشير إلى تعدد المصطلحات المستخدمة في هذا الفصل من قانون العقوبات لناحية توصيف الجرم ووسائل الاثبات وحق الشكوى، وبالنتيجة الاتهام والعقوبة. حيث أن هناك العديد من الأحكام القضائية في قضايا الاعتداءات الجنسية تختلف من حالة لأخرى؛ فمرة تعتبر الفعل اغتصاباً وأخرى فضّ بكارة وثالثة فحشاء ورابعة فعلاً مناف للحشمة.. وبالتالي قد يستخدم المعتدون تلك المواد والتفسيرات كوسيلة دفاع ويتملصون من العقاب، أو ينالون عقاباً بسيطاً في أحسن الأحوال.
2 – الأعذار المخففة والأسباب المخففة التقديرية التي تستخدم كدفاع للتخفيف من العقوبة في قضايا ما يسمى “جرائم الشرف”:
المادة 548 معدلة: “يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود، أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد، على أن لا تقل العقوبة عن الحبس مدة سنتين في القتل”.
المادة 548 من قانون العقوبات بعد التعديل بالمرسوم التشريعي رقم 37 لعام 2009 وطرأ تعديل آخر على هذه المادة بالمرسوم رقم 1 لعام 2011 برقم مادة 15: “يستفيد من العذر المخفف من فاجأ.. وتكون العقوبة الحبس من 5 سنوات إلى 7 سنوات على الأقل”.
التعديل يعطي عذراً مخففاً للرجل، ويعتبر الجرم جنحة، علماً أنه جناية قتل. ويخفض من العقوبة في حال قتله أو إيذائه زوجته أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته عند مفاجأتهم بجرم زنا مشهود أو صلات جنسية فحشاء مع رجل.
– الدافع الشريف الوارد في المادة 192:
المادة 192 : “إذا تبين للقاضي أن الدافع كان شريفاً، قضى بالعقوبات التالية: الاعتقال المؤبد بدلاً من الإعدام، الاعتقال المؤبد أو لخمسة عشر سنة بدلاً من الأشغال الشاقة المؤقتة، الحبس البسيط بدلاً من الحبس مع التشغيل”.
هذه المادة تعطي عذراً مخففاً إذا ارتكبت الجريمة بدافع شريف، لكنها لم تحدد ماهية الدافع الشريف، مما يؤدي إلى إعطاء الحق للرجال في العائلة في ممارسة العنف ضدّ النساء (قتلاً أو إيذاء) بحجة الدافع الشريف. لا بد من تعديل هذه المادة واستبعاد جرائم الشرف المرتكبة ضدّ النساء في العائلة من نطاق تطبيقها، لأنها تشجع على قتل النساء بذريعة الشرف.
الاستفزاز الوارد في المادة 242 من قانون العقوبات: “ما يسمى الجرائم المرتكبة باسم العاطفة”.
المادة 242 : “يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق، وعلى جانب من الخطورة أثاره المجني عليه”.
هذه المادة التي تعطي عذراً مخففاً لفاعل الجريمة التي يقدم عليها بسورة غضب شديد، وتتحول الجريمة من جناية إلى جنحة، وتنخفض فيها العقوبة بشكل كبير. والعلة من التخفيف هنا هي أن مرتكب الجريمة أقدم عليها بدون التحكم بإرادته، بسبب عمل غير محق أتى به المجني عليه، وتستخدم هذه المادة للتخفيف من العقوبات في الجرائم التي ترتكب بحجة وبدواعي الدفاع عن العرض والشرف. فلا بد من تعديلها واستبعاد تطبيقها على مثل هذه الجرائم، وذلك للحد من العنف ضد النساء.
مجلة مستقلة، تعنى بشؤون الثورة السورية، نصف شهرية، تطبع وتوزع داخل سوريا وفي عدد من مخيمات اللجوء والتجمعات السورية في الخارج