Site icon مجلة طلعنا عالحرية

دخول النساء سوق العمل والحفاظ على الخصوصية

بكادر نسائي مختص.. مركز لصيانة الهواتف الجوالة في مدينة إدلب السورية

سونيا العلي: إدلب

لم تعد منار مضطرة لحذف صورها الشخصية ومقاطع الفيديو من هاتفها الجوال عند إرساله للصيانة أو عند بيعه؛ حيث باتت تشعر بالأمان بعد افتتاح أول مركز للصيانة بإشراف كادر نسائي في إدلب، وقامت منظمة “بارقة أمل” الخاصة بتمكين المرأة بافتتاح مركز الصيانة النسائي في المدينة، الأمر الذي يعتبر حدثاً جديداً ومميزاً في المنطقة، يهدف إلى تمكين المرأة في مجال الصيانة إلى جانب حفظ خصوصية هواتف النساء.
وأعربت منار السلوم (31 عاماً) المتحدرة من إدلب وشاركت في افتتاح مركز الصيانة، أنه خطوة إيجابية وفعالة، وعن سبب ذلك تقول: “كثيراً ما تضطر المرأة لحذف كل ما يحويه هاتفها من بيانات عند إرساله للصيانة، خوفاً من استباحة خصوصيتها من متطفلين أو (هاكرز) ووقوعه بأيدي غير أمينة”، وبعد افتتاح المركز النسائي تضيف قائلة: “اليوم يعتبر أكثر أماناً في تقديم خدمات الصيانة والبرمجة”.
ولدى حديثها لمجلة (طلعنا عالحرية) تقول المشرفة على المشروع سوسن السعيد إن الهدف في “منظمة بارقة أمل” لمساعدة المرأة وتمكينها “لتكون ركيزة أساسية في المجتمع وتفعيل طاقاتها، والوصول بها إلى طور العمل والإنتاج وتحسين واقعها الاقتصادي بعد مرور 10 سنوات صعبة”، والتي أثرت بالدرجة الأولى على هذه الشريحة من المجتمع.
وتشير السعيد إلى أنهم درسوا احتياجات النساء في المجتمع، الأمر الذي دفع المنظمة لافتتاح مركز صيانة الجوالات والتسويق الإلكتروني في مدينة إدلب بتاريخ 8 من شهر نيسان الماضي، “لتأمين فرص عمل لعدد من النساء المعيلات، ومساعدة النساء على صيانة هواتفهن بأريحية”
ونقلت أن الكثير من النساء يفضلن إتلاف جهاز الموبايل وعدم بيعه أو إصلاحه على أن يكشف أحد الغرباء العاملين في الصيانة على صورهنَّ واقتحام خصوصيتهنَّ، “نظراً لتعاليم ديننا وطبيعة مجتمعنا المحافظ، ومن هنا برزت فكرة المشروع بضرورة الحفاظ على خصوصية النساء، وإمكانية وصولهنَّ إلى هذه الخدمة بشكل مريح”.
وأكدت السعيد أن المستفيدات خضعن لفترة تدريب استمرت شهرين متتابعين، مع اعتماد معياري العمر والخبرة وفق معايير وشروط محددة، “منها حصول المتدربة على شهادة الثانوية كحد أدنى، ووجود الرغبة بالتعامل مع الإلكترونيات، وإتقان المتدربة للغة الإنكليزية بمستوى جيد، وكونها مسؤولة عن إعالة أشخاص آخرين”.
وبحسب القائمين على المنظمة افتتح مركز الصيانة بعد انتهاء التدريب لتوسيع المشروع والحفاظ على ديمومته، ولإفادة أكبر عدد من النساء في المنطقة؛ حيث يحوي المركز حالياً 14 امرأة ضمن قسم التسويق الإلكتروني، و12 امرأة ضمن قسم الصيانة، ويعود ريع العمل ضمن المركز على العاملات به، في حين يقتصر دور المنظمة على الإشراف ومتابعة سير العمل.
ولم يقتصر التدريب على تعلّم صيانة الهواتف المحمولة فحسب؛ بل شمل أيضاً التسويق الإلكتروني. وذكرت السعيد أن “هذا المجال يعتبر من الأفكار الجديدة في محافظة إدلب”، وفيه تأخذ العاملات دور الوسيط بين المنتج والعميل، والترويج لأي منتج أو خدمة عبر نشر إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول السعيد: “أمست الوسيلة الأكثر تداولاً والأسرع للوصول للمستهلك، حيث خضع فريق التسويق لتدريبات حول كيفية إنشاء الإيميلات والصفحات والمواقع والترويج عبر مواقع التواصل، وأنواعه، وكيفية إنشاء المنشورات بطرق مختلفة وربط الحسابات والربح عبر الإنترنت”.
أمّا في مجال الصّيانة فتدرّبت المستفيدات على “صيانة (الهاردوير) وإصلاح كافة أعطال الجوال، وحل مشكلات (السوفتوير) وتنزيل وتفعيل البرامج والخطوط”، بحسب دعاء رمضان البالغة من العمر (23 عاماً) إحدى المستفيدات من المشروع.
دعاء درست العلوم الإدارية في الجامعات السورية، لكنها اختارت مجال صيانة الهواتف، وعن سبب ذلك تقول إنها: “خضعت مع بقية النساء لفترة تدريب بقسميه النظري والعملي، وبفرعيه السوفتوير والهاردوير، بما فيه قواعد الإلكترون، والتعرف على جميع مكونات الموبايل وقطعه، وفكّ وتركيب واستبدال جميع القطع الموجودة”.
وعبرت عن مشاعرها قائلة: “اخترت هذا المجال لما يحققه من تلبية احتياجات النساء دون إحراج أو مشاكل، إضافة إلى كونه مصدر دخل يضمن لي الاستقلالية المادية”.
وتؤكد أن التدريب كان ممتعاً، وحدثاً فريداً من نوعه، واستطاعت المتدربات خلاله إثبات قدرة وكفاءة بحسب شهادة المدربين، وأعربت دعاء عن سعادتها بدخولها مع زميلاتها سوق العمل والوصول لمرحلة التطبيق العملي، من خلال عملهن في مركز الصيانة والتسويق الإلكتروني لصقل خبراتهن المعرفية.
غير إن الأمر ليس بهذه البساطة في مجتمع يعد محافظاً؛ حيث لم تخفي دعاء ما تعرضت له مع زميلاتها من انتقادات متلاحقة من محيطها، وأنهن غير قادرات على خوض التجربة واقتحام المجال، والذي دفعها للتمسك بكل ثقة في المتابعة والاستمرار، وعن ذلك تقول: “هناك من راهن على فشلنا، لكن هذا دافع للنجاح ومحفز لنثبت العكس، وسنظل نكافح لإثبات كفاءتنا وتغيير نظرة المجتمع الذي ينتقد عملنا، ويستهجن فكرة دخولنا في مجال عمل”، واختتمت حديثها لافتة أن هذا القطاع كان فيما مضى حكراً على الرجال، “أما اليوم هدفنا في ذلك تحقيق التمكين الاقتصادي وخدمة النساء في مجتمعنا وكسر الصورة النمطية السائدة”.

Exit mobile version