مجلة طلعنا عالحرية

الإعلام الثوري.. بين الهواية والاحتراف

هبة معماري – محمد الثائر – بيان ريحان – هيثم بكار*

“لم يتوقف القصف بعد.. الطائرة مازالت تحوم في السماء.. اقتربت الساعة من الحادية عشر صباحاً …لن أدع المحاضرة تفوتني بعد كل هذا الانتظار”

في قبو مجهز بالانترنت وجهاز إسقاط، في إحدى بلدات الغوطة الشرقية المحاصرة، هناك طاولة التف حولها خمسة وعشرون متدرباً ومتدربة لورشة التدريب على الكتابة الصحفية.

أسامة نائب رئيس تحرير مجلة طلعنا عالحرية يحضّر الاتصال بالمدربة عن طريق النت، ويساعده باسل المسؤول الفني.

شادي ذو الاثنين والعشرين عاماً بدأ عمله الإعلامي في ظل الثورة، قام بإعداد التقارير المصورة وشارك في مداخلات تلفزيونية.

كان يسعى للحصول على التدريب اللازم ليطور من قدرته على الكتابة وفق منهج صحفي، هذا الأمر الذي كان في غاية الصعوبة على مدار السنوات السابقة، دفع به للبحث عن تدريبات عن طريق الانترنت والاستعانة بالكتّاب الموجودين خارج الغوطة، والآن في هذا المكان تحقق حلمه عندما أطلت عبارة “أسس الكتابة الصحفية” على تلك الشاشة وصوت المدربة زينة ارحيم يسود القاعة عن طريق جهاز الصوت.

عند سؤالنا السيد محمد الثائر أحد المشاركين في الورشة، وهو ناشط في التوثيق ومسؤول سابق في المكتب الإعلامي في تنسيقية مدينة دوما، عن أسباب قلّة التدريب الإعلامي في الغوطة الشرقية أجابنا: “طبيعة أهل المنطقة أساساً لا تشجّع على العمل في الإعلام.. هذا الأمر أدى إلى قلّة عدد الاختصاصين. وبسبب الحصار الذي فرض على الغوطة لم نستطع استقدام اختصاصين للمنطقة. إضافة إلى الصعوبات التكنولوجية التي منعتنا من إقامة تدريبات عن بعد”.

كما أشار الثائر إلى الفوضى التي تسود الواقع الإعلامي والعبثية في العمل، بسبب ضعف الخبرة، الأمر الذي أدى إلى نتائج عكسية في التوثيق الميداني للشهداء والجرحى، إضافة إلى أخطاء أخرى.

وأضاف الثائر: “أقمنا عدة دورات تدريبية في مجال إعداد التقارير المكتوبة والمصورة نظرا للحاجة الملحة لها، وللأسف لم ينجح العمل بسبب ضعف الإمكانيات وعدم اهتمام المنظمات الموجودة بالإعلام وتوجهها لرصد ظواهر معينة كالإغاثة”.

من هنا تكمن أهمية الدورة التي أطلقتها مجلة طلعنا عالحرية تحت عنوان “أسس الكتابة الصحفية” والتي بدأت بتاريخ 24\12\2015 لغاية 14\1\2016 بمعدل ثلاث جلسات أسبوعية، وأشرف عليها مجموعة من الصحفيين ذوي الخبرة، وذلك عن طريق الانترنت، بتسهيلات قدمتها منظمة البيت الشامي واتحاد منظمات المجتمع المدني السوري.

وعن صعوبات التواصل مع المتدربين، كون هذا التدريب يقام عن طريق الانترنت، قالت المدربة الصحفية زينة ارحيم وهي منسقّة المشروع السوري مع منظمة معهد صحافة الحرب والسلام: “هذا أول تدريب أعمله على الانترنت، وكنت متوترة فعلاً لأنني لن أتمكن من الرؤية والتفاعل مع المتدربين.. ومؤكد أن هذا أنقص من قدرتي على التدريب بسبب عدم وجودي شخصياً معهم. إضافة للمشاكل التقنية التي لا بد أن تكون موجودة في مثل هذه الظروف”.

وكان أسامة نصّار معاون مدير تحرير المجلّة، هو المنسق الميداني للدورة التي استهدفت 35 شاباً وشابة التزم منهم 25، وذلك بسبب الظروف الصعبة التي تعيشها الغوطة الشرقية من تصعيد عسكري وحصار.

مجلة طلعنا عالحرية هي مجلة سورية مستقلة تأسست في عام 2012، “وجدت بذرة طيبة في المجهود الذي يبذله الناشطون، ورأت من واجبها تقديم العون لهم من خلال التحضير لهذه الورشة والتي تهدف إلى زيادة قدرتهم على إنتاج مواد صحفية مكتوبة، مبنية على الحد الأدنى من معايير العمل الصحفي المهني” وذلك بحسب نصّار.

ويضيف نصار: “توجّه الصحافة الحديثة يهدف إلى إيصال صوت الناس وعرض آرائهم ومعاناتهم وتطلعاتهم. وقد لمسنا الحاجة إلى تأهيل وتمكين النشطاء الراغبين بكتابة مواد صحفية احترافية، وهذا ما دفعنا إلى تنظيم هذا التدريب”.

وعن أسباب التأخر في تنظيم هذا التدريب أضاف نصار: “الفكرة مطروحة منذ مدة لكن العوائق اللوجستية أخرت هذا الموضوع، وفي بداية افتتاح مكتب المجلة في الغوطة، لم تكن لدينا فكرة عن الأشخاص الراغبين بمثل هذه التدريبات”.

وعلقت بيان وهي إحدى المتدربات: “استفدت من الدورة كثيراً، فمنذ بداية الثورة وأنا أكتب مقالات عن ما يحدث في مدينتي، ولكن كانت كتاباتي عبارة عن هواية ولا ترقى لمستوى التقارير الاحترافية التي أقرؤها. ومن هنا تكمن أهمية الدورة بالنسبة لي، والتي أرجو أن تكون ضمن مجموعة تدريبات من الممكن أن تقوم بها المجلة”.

وعن وضع الإعلام في الغوطة الشرقية، قالت الآنسة ريما وهي مدرِّسة في إحدى مدارس الغوطة الشرقية: “الإعلام هنا يعاني من ضعف كبير، ولا يرقى إلى مستوى المأساة التي تحصل على الأرض، وهذا برأيي ينعكس سلباً على نقل الصورة إلى المجتمع الدولي على نحو صحيح”.

أما الحاج أبو كاسم، وهو عامل في سوق شعبي في الغوطة، فأضاف: “كل يوم بتصير مية مجزرة وبآخر النهار لما منشوف الأخبار ما بجيبوا سيرتنا ولا بيطلع واحد من عنا مراسل بيحكي وجعنا صح”.

ومن الجدير بالذكر أن هناك عدة تقارير مغلوطة صدرت عن جهات إعلامية خارجية، كان السبب فيها أنها كتبت من قبل صحفيين لم يأتوا إلى الغوطة سابقاً، ولا يدركون الأحداث القائمة على الأرض، معتمدين فقط على ما ينقل على صفحات التواصل الاجتماعي. وهذا ما أضعف من مصداقية الإعلام الثوري غير الاحترافي.

يذكر أن الورشة تخللتها جلسة للتدريب على أمن المعلومات قدمها المدربان المختصّان مجد وحسان من مشروع سلامتك، وهو مشروع غير ربحي يساعد الناشطين ومنظمات المجتمع المدني السوري على استخدام التكنولوجيا بشكل آمن. كما شارك الصحفي عروة المقداد باستعراض تجربته في الكتابة للصحافة، وبناء القصة الإخبارية. واختتمت الورشة بجلسة تضمنت تطبيقات مخصصة لمجلة طلعنا عالحرية شاركت بها ليلى الصفدي مديرة تحرير المجلة.

طلعنا-عالحرية-دورة-لتدريب-الصحفيين-في-الغوطة

 

*   وجب التنويه إلى أن معدي هذا التقرير هم متدربون في الورشة آنفة الذكر

Exit mobile version